قصة الفيلم واقعية , قاعة العرض ” قاعة الجامعة العربية حيث تنعقد قمة الحكام العرب ” يدخل الحكام يتقدمهم كبيرهم حسني مبارك , و قبل انطلاقة الفيلم يخرج المخرج جورج بوش و اعوانه اتشيني و رامسفلد , فيحتضنهم الكل و يتبادلون عبارات الترحيب و الاعجاب , يسلط المخرج الضوء علي كرسي دولة العراق ليظهره خاليا , ثم يبدأ العرض …
يتقدم رئيس دولة العراق ( صدام حسين ) في خطي ثابتة ووجه نوراني , هكذا ظهر الرجل لملايين البشر و هم يشاهدون الفيلم ’ ظهر مبتهجا , قال عنه الجندي الامريكي الذي رافقه حتي سلمه للاوغاد المجوس المجتمعين حول حبل المشنقة , قال عنه : ان نظراته كانت غريبة , و كأنه ينظر الي عالم اخر , و انه لم يكن يبالي او يهتم بما يجري و ما يحصل من حوله في تلك اللحظات , يتقدم صدام حسين الي حبل المشنقة , يعرضون عليه القناع فيرده اليهم , و يختار ان يبقي مكشوف العينين لينظر في دعة و ثقة الي اولئك الاوغاد و الي كل الحضور في قاعة الذل و الخزي تلك و الي كل الحضور في قاعة العرض الكبيرة ” قاعة الجامعة العربية حيث رؤساء و ملوك العرب مجتمعون في قمة الصمت و الحيرة و الخوف و الذل ” , مشهد لا يغيب عن الأذهان طبع في ذاكرة الزمان , ليلة سوداء , والناس في أنحاء الارض ساهرون علي شاشات التلفزيون لا يشدهم الفضول والتسلية , إنما صعوبة الموقف و الشعور بالاهانة و القهر و الظلم , رئيس دولة مستقلة عضو في ما يسمونه الجامعة العربية و عضو في المنظمات و الامم المتحدة , يقدم ظلما لحاقدين مجوس ’ تحت ذريعة اسلحة الدمار الشامل , الدمقراطية , حقوق الانسان و بقايا فصول اغنية الممثل الخبيث جورج بوش … وحدث ما حدث و بدت جثة صدام رحمه الله هادئة وعيناه شاخصتان بعزة وكرامة لتقول لامريكا وحلفائها من المجوس وجميع الحكام والمحكومين , عرب وغيرهم , أن أمة محمد صلى الله عليه و سلم , لا تهان ولا تقبل الذل , وأن النصرآت , وأننا , ننتصرأو نموت , قالها عمر المختار رحمه الله للإيطاليين , وتكررالمشهد مع البطل صدام , الذي ذهب ليترك رسالة هامة لامريكا, علها استوعبتها , مفادها الصمود والثبات وأن هذه الأمة لا تباع ولا تفاوض علي الذل و لا ترضي به لتستمر في البقاء , و انه إن قبل الشيعة و بعض العرب ذلك فرجال الأمة لا يساومون علي مثل تلك الخيارات , رسالة أخري وجهها القائد ليلة رحيله لهؤلاء الحكام المجتمعون في قاعة الجامعة العربية و هم يشاهدون تفاصيل هذا الفيلم علي استحياء و خوف و ترقب : اصمدوا يا حكام , قولوا لهم إننا أمة لاتعرف الذل و الإذلال ولا نساوم علي كرامتنا , وأننا أمة ذات مجد وماضي , قولوا لامريكا أننا لسنا أبناء طريق , ولم نكن يوما ما , فقط رعاة بقر .
و لاولئك الذين يعترفون بالحدود و بالخريطة الضيقة التي حشرنا فيها الغرب و اطلق عليها اسم الوطن العربي , و لاصحاب الجامعة العربية و قمتها و قاعتها و للحاضرين لجلساتها و قراراتها , لكل اولئك يتوجه هذا التساؤل : الم يكن بالامكان بل و من الافضل مع ان الامر اصبح في خبر كان , ان تتسلم الجامعة العربية صدام و تتولي بنفسها اعدامه ” ان كان لا بد ” لاعتبارات ادناها انه علي الاقل عضوا فيها ,,, أما و أن ما صار قد صار و أنكم سكتم يا رؤساء العرب و ربما رضيتم بإعدام هذا البطل و بتلك الطريقة المشينة و علي يد من ؟ علي يد مجوس وعبدة نار حاقدين , و في أي وقت ؟ في اكبر يوم عيد عند المسلمين في العالم ” عيد الاضحي ” , فتوقعوا يا أصحاب صدام ( الصحبة المهنية – كرؤساء ) , توقعوا أحداثا جساما و نهايات قد لا تكون مشرفة … أخطاء كبيرة ساهم فيها معظمكم , و الفيلم اعد بإحكام , داخل قاعة جامعتكم العربية , و الرجل صاحبكم وكرسيه موجود بينكم في قاعة الجامعة , فتبيعونه و بلاد الرافدين بثمن بخس و تتصورون ان المسألة بهذه السهولة و ان الامر قد انتهي , لا ,فالامة تأبي عن ذلك , و الخير الكامن في شعوبنا لا بد ظاهر , و إن آثر بعض منكم أن يعيشوا علي الذل و النفاق لأمريكا ليستمروا في الحكم , فان الأمة في منآي عن ذلك ولسان حالها يقول: توقعوا يا حكام العرب في كل حين فرادي أو جماعات دفع ثمن ما قمتم به قريبا , و الدور قادم و الكل الي زوال , لكن شتان ما بين النهايات يا حكام … شهادة ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله , هذا ما سمعناه و شاهدناه و شاهدتموه و مئات الملايين من سكان الارض مسلمون و غيرهم , الكل سمعوا الرجل يردد افضل كلمة في الوجود و هو يموت رحمه الله , الموت حق اما النفاق و الذل الذي اتخذه بعضكم مطية للبقاء في الحكم فليس بشيئ و ليس بخيارالا لمن اغوته الشياطين و غرته الحياة … , انظروا فقط الي نهاية ذالك البطل رحمه الله و قارنوها بنهاية هؤلاء الرؤساء وستجدون فرقا شاسعا …
انتهي فيلم ” اعدام صدام و تدمير العراق ” وخرج الحكام العرب من قاعة العرض دون تعليق , قرروا الصمت , خوف , خجل , ذل , نفاق , الايام كفيلة باظهار حقيقة ذلك … و تتوالي الاحداث ليسارع المخرج المشؤوم في اعداد فيلم اخر ” اعدام اهل غزة و تدمير القطاع ” , و يتابع الحكام العرب تفاصيل الفيلم في قاعة عرضهم الكبيرة بالجامعة العربية و يخرجون دون تعليق , خوف ام خجل , ذل و نفاق ؟ …
فيلم اخر يعدونه هذه الايام و بوتيرة متسارعة وهو “اعدام الشعب الليبي و الاجهاز علي خيراته و نفطه ” , فرصة جديدة تراءت لرعاة البقر ” حماة حقوق الانسان , هكذا يدعون ” لن يضيعوها , لن يتركوها تفلت من بين ايديهم , و وثيقة حقوق الانسان و حقوق الحيوان بايديهم يلوحون بها متي و كيف يشاؤون و لا منافس علي الساحة و في الغالب فان اول من يدعم موقفهم هم ذوي القربي , وتلك اكبر مصيبة , ظلم ذوي القربي اشد مضاضة … فخاسر من يعول علي ولاء هؤلاء, و جاهل ايضا من يحسب ولاءهم مقرون بحقوق الانسان و المثل و القيم الانسانية , فهو ولاء مصالح مادية صرفة لا غير’ نفط , مصادر طاقة , ارصدة بنكية و حسابات , الاوروبيون انفسهم مغلوبون فكيف بكم انتم , و اليهود وراء كل خراب و فساد في العالم , يعبدون المال و الدنيا و جعلوا العالم بغربه و شرقه يبتعد عن القيم و المثل ويعظم المال و اهل المال , تحكموا في الغرب و رسموا له طريق الولاء و كيف يكون ؟ , أفغفل اصحابنا عن ذلك ام تجاهلوه ؟ و عولوا علي وقوف الغرب معهم , واليهود هم من يحكم و يوجه الغرب و الشرق , و هؤلاء الغدر عقيدة و شريعة بينهم , داخل العائلة الواحدة لا يامنون مكر بعضهم بعضا , فكيف تكون حكوماتهم مع من يواليهم من العرب … و التاريخ اكبر شاهد , فما بالك بشعب يغدر بالعهود و الالتزامات التي اخذ علي نفسه مع سيد الخلق محمد صلي الله عليه و سلم ؟ معجزة الزمان و المكان خلقا و خلقا و معاملة , حكموا العقل يا من لا زلتم ترجون الخير في أحفاد القرود , كيف لمن كان هذا حاله مع رسول الله صلي الله عليه و سلم ؟ كيف به يحافظ علي ولائه معكم يا حكام …
محنة وتزول باذن الله و البركة في الامة وستري امريكا و يري العالم أن جند الله هم الغالبون …
و النصر قادم ان شاء الله و طلائعه تلوح في الافق , طريق خلاص الامة واضح , محجة بيضاء ناصعة , لا يحتاج اصحابها, لا لكتب خضراء و لا زرقاء و لا ان يكونوا ناصريين او بعثيين او اعمام مسلمين او اخوان , و لا ان يكونوا قوميون او تقدميون او تراجعيون اوسلفيون او حداثيون او غيرذلك من انواع السياسة التي ابتلي بها الجميع واصبحت شغل الامة الوحيد , مسلمون و حسبنا اننا كذلك , فكفانا سياسة و تلاعب بالالفاظ والالقاب , محجة سيد الخلق عليه صلاة الله و سلامه واضحة , قوامها الصدق و العمل و الاتقان و الاخلاص و العدل بين الناس , فلا مجال للظلم و لا تعاطف مع الظالمين و لا مجال كذلك للتشفي من اي من هؤلاء , فالتشفي خصلة ذميمة , ومهما يكن تظل هناك دائرة تجمعنا معهم ما لم يعلنوا الكفر البواح … و قد بدأ بعضهم يجني ثمار الخزي و التبعية و النفاق و الطريق الذي شق لنفسه , و بدأ بنيانه ينهار , تدهور سريع مذهل , مات اصحابه ام عاشوا هاربين , و مهما يكن من امرهم فان الامة لن تقع في الورطة مجددا و ستظل تنظر الي العدو علي انه عدو , فلا موالاة بعد اليوم للظالمين , و قد اتضح للجميع انها ما هي الا شعارات , دمقراطية , حقوق انسان , حريات ’ و ان الغرب غرر به مثلنا تماما و لذلك فهو يريد فقط حماية مصالحه المادية لا غير … فكم قتل من اهل غزة و كم قذائف فسفورية و اسلحة محظورة استعملت ضدهم ؟ , فهل خرج حماة حقوق الانسان واصحاب الدمقراطية و الحريات منددين او مهددين بالتدخل العسكري و غيره ؟ و الجواب طبعا لا , و ببساطة لان اهل غزة ليس لديهم نفط و لم يكونوا يوما سلة غذاء او خزان تزويد طاقة للغرب , اما اخوتنا في ليبيا , شأنهم شأن حكام عرب اخرون فقد كانوا مصدر امداد و تزويد للغرب , و هذا هو السر في هذه الهبة و القفزة المتسارعة , مهددة تارة بحصار اقتصادي , وتارة بتدخل عسكري, بقصف جوي … لكن لن يحدث اي شيئ من ذلك باذن الله و الاخوة الثوار في ليبيا لن يدنسوا ثورتهم المباركة ليدخلوا ارضهم في تجربة عراق جديدة , و نفط ليبيا لن يستباح تحت شعار اغنية اللعين بوش ” حقوق الانسان , الحريات , الدمقراطية ” , مهزلة , وخدعة لكنها اصبحت مكشوفة , و الاحداث و كل ما تعرفه الساحة العربية من تغيرات تبشر بالخير و ان العرب استوعبوا الدرس , بعد ان عاشوا غفوة طويلة مدوا خلالها يد العون لوغد , وراعي بقر جاهل لا يفقه شيئا سوي التدمير و التنكيل بالشعوب … فها هي الامور تعود لمجاريها شيئا فشيئا , و الطالحون منا ان شاء الله عائدون الي الصواب و الصالحون فينا صامدون متمسكون بطريق الحق و الامة مسترجعة مكانتها الريادية عن قريب … و إنها ليقظة و صحوة و خلاص .
البشير بن سليمان
Benbiya_1@yahoo.com