لماذا نسكت عن الظلم لماذا لا نثور ثورة حقيقية

جميل أن ينكر الناس الظلم وأن يقفوا في وجه الطغيان وأن يوقفوا الديكتاتورية عند حدها وأن يحولوا سواد واقعهم إلى بياض ناصع.

جميل أن يحارب الناس الفساد والجور والجبروت، وأن يكون الضعيف عندهم قويا حتى يأخذوا له الحق، وأن يكون القوي عندهم ضعيفا حتى يأخذوا منه الحق.

جميل أن يقول الناس: “كفى!” لكل ظالم وطاغ ومعتد وباغ، وأن يعملوا على أن تأخذ الحياة مجراها الطبيعي والفطري.

لكن هناك سؤال مهم ينبغي أن نطرحه الآن وبقوة، ألا وهو متى سنثور
متى نزلزل كيان العادات والتقاليد والمنكرات التي استحكمت النفوس واستعبدت القلوب؟
متى نقول لا لطغيان النفس وجبروتها وتسلط الشهوات وبغيها
إن الظلم قبيح ولذلك حرمه الله على نفسه قبل أن يحرمه على خلقه، لكن أقبح الظلم أن يشرك الإنسان ربه ويصير عبدا لشهواته، ليس له كرامة مع نزواته ولا إرادة مع لذاته، تكبله ولا تعطيه الحرية التي تحقق العزة وتمنح الإنسان وسام التعقل والرزانة، وتبوؤه مكانة الإنسانية الحقة، وليست حرية الإباحية التي هي عين العبودية لغير الواحد المعبود بحق..

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

إذا كانت الدولة الموريتانية تبحث عن مبعث اطمئنان، يجعل رموزها تنام قريرة العين دون خوف من مصير مماثل يستنسخ الثورتين التونسية والمصرية في الأيام القليلة القادمة.

العدالة غابت وصار الظلم هو العملة الرائجة وأصبحت المحاكم تحت قبضة السماسرة والقضاة تحت أمر السلطة التنفيذية التي تستعملهم كما تريد. واقتصاد الريع أحكم قبضته على البلاد حتى أصبحت قطاعات بأكملها خاضعة لمنطق الاحتكار والامتيازات وليست لمنطق المنافسة والكفاءة مما يعني ذلك من فرص عمل مهدرة وقتل لروح الإبداع وخلق لروح الانتقام في صفوف فئات عريضة من الشعب المحروم وصارت مدارسنا مرتعا للجهل وتمييع القيم وتخريج أجيال مسلوبة الهوية لا انتماء حقيقي لها للوطن ولقضاياه. والصحافة الحرة والمستقلة تم خنق بعضها بالمحاكمات والغرامات الثقيلة وتدجين بعضها الآخر بالإغراءات والتهديدات في حين لازال الإعلام العمومي مسخرا للدعاية والتطبيل ممارسا أقصى درجات الإقصاء والتعتيم في كل القضايا التي تهم الشعب الموريتاني … والأخطر من كل ذلك أنا لموريتانيين صاروا فاقدين للأمل في المستقبل يتنذرون في نكتهم عن هوية آخر شخص سيبقى في السفينة قبل أن يغادر هو الآخر بعد أن يطفئ الأنوار.

يجب على الدولة أن لا تبقى حبيسة الإشادة بالأوراش الكبرى التي أطلقتها هنا وهناك والتي عجزت عن امتصاص جحافل العاطلين عن العمل ولم تنجح في خلق دينامية تنموية متسارعة وعادلة، وأن لا تبقى رهينة الافتخار بهيئة الانصاف والمصالحة التي عجزت عن القطع مع ممارسات سنوات الجمر والرصاص وبقيت توصياتها حبرا على ورق،
لست راديكاليا فأنا كنت ولازلت أومن بالإصلاح المؤسساتي، لكن هذا الإصلاح السلمي لدواليب الدولة قد يصبح مطلبا متجاوزا عندما تثور فما يكون مقبولا من طرف الشعب اليوم يصبح مرفوضا حين يقدم أبناءه قربانا للتغيير… لذلك فإن على الدولة أن لا تخلف موعدها مع التاريخ والجغرافيا وأن لا تقول إن ما يقع من حولها لا يعنيها بداعي الخصوصية المغربية، فليس ضعفا أن تتفاعل الدول مع محيطها وأن تقرأ الإشارات التي يفرزها دوران عجلة التاريخ.

على النخب الموريتانية الحاكمة، أن تفكر في المستقبل بمنطق أن بقاء الحال على ما هو عليه سيدفع الشعب الموريتاني إلى الثورة الحقيقية . نعم سنثور، واختراقنا من طرف أي جهة أجنبية يكون من مصلحتها إسقاط النظام حينذاك سيكون سهلا نظرا للفراغ السياسي الذي صار كابوسا يكتم على انفاس الجميع. وعلى الدولة أن تعي جيدا أن الحماية لا يمكن أن تضمنها إلا من أبناء شعبها، لأن التجربة أكدت أن المحميين بالغرب صاروا عرايا حين انتهت مدة صلاحيتهم، لأن السياسة الدولية لا مكان فيها للعواطف وإنما المصالح والمصالح فقط. فلماذا لا تكون هذه الثورة قانونية ودستورية؟؟؟ تجدد دماء ثورة الشعب بما يجعل الرئيس يسود ولا يحكم، وبما يجعل السيادة للشعب، وبما يجعل القضاء نزيها ومستقلا حتى لا نرى مرة أخرى دموع وزير العدل تسيل تحت قبة البرلمان وهو يرثي حال قطاعه الذي صارت رائحته تزكم الأنوف.

Mezid.Elmajlisi@gmail.com

https://www.facebook.com/rmedlemine

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى