ولد عبد اللطيف يتحدث عن ذكرياته مع ولد مكي والمختار ولد حامدن

قال الأديب والإداري المعروف محمد فال ولد عبد اللطيف إن الموريتانيين لم يمنحوا المؤرخ والعلامة الكبير المختار ولد حامدن مكانته اللائقة،وقال ولد عبد اللطيف في الحلقة الخامسة من مقابلته مع السراج ” يؤسفني أن أسمع بعض الناس يقول إنه فهم شعر المختار رحمه الله ..فشعر المختار درجات إذا مضى علم منها بدا علم”

المقابلة ح5

السراج : على ذكر الشيخ ولد مكي .ماذا تذكر عن هذا العلم الكبير ورحلته نحو الجنوب؟

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

الشيخ ولد مكي : تلك رحلة عادية جدا وطبيعية كان يؤديها الشباب في تلك الأزمنة،والشيخ ولد مكي انسجم مع مجتمع أهل اكيدي بشكل كامل وهو ما سجله لاحقا في طلعته المشهورة.

ايل عاد الدهر اعل حال=الدهر اللي نعرف مزال

ابلا باس ء غيد التحجال=وبلد فيه الناس التنكاس

مزال ءمزال ايل كال=حد ال يبغ ما فيهَ باس

الشيخ ولد مكي رحمه الله تعالى

ءان بعد ءلان مقيس=اللي نبغ نوعد بقاس

ومن الناس النتختير انكيس=الا ذاك الفيه امن الناس

وبقاس كما تعرف يقع 45 كلم شمالي المذرذرة.

السراج : يشكك الكثير في القصة المذكورة عن دراسته للأدب على أسرة أهل هدار؟

محمد فال : أنا أيضا أستبعد ها جدا وأظن أن التاريخ لا يدعم هذه القصة فالمجتمع الذي ولد فيه الشيخ ولد مكي وعاش فيه زمنا من حياته هو مجتمع أدب راق وأنت تعرف قدر ومكانة الب ولد أمين في الأدب الحساني وهو أحد أساتذة الشيخ ولد مكي، وبالتالي لا تكون هذه القصة ناهضة تاريخيا وهو ما لاينفي معايشته لأهل هدار وعلاقته الأدبية معهم بشكل مؤثر.

السراج : انتشرت ازريكة في منطقة الجنوب الموريتانية .ماذا عن نشأة هذه الظاهرة الأدبية.

محمد فال : الزريكة في الأصل هي خلط لبن المعز ولبن الضأن أو هي خلط لبنين، وانتقلت إلى الأدب لاحقا وهي من مظاهر التظرف وربما نجد لها أصولا في الأدب العباسي القديم عندما يدخل الشعراء كلمات فارسية إلى النص العربي.

وعموما فإن والد ولد خالنا في طلعتيه (المكزوزة والمزروفة) هو أول من يحفظ له في هذا الباب وهما طلعتان من الصنهاجية في لبتيت، وبرز فيها بشكل خاص امحمد ولد احمد يوره وباباه ولد ابت ويعزى لمحمد ولد أبنو المقداد بعض الإنتاج في هذا المقام وخصوصا ” ازريكة العربية والولفية”

وازريكة أدب ظريف أو أدب للتظرف وفيه مجال واسع للنكتة والطرافة ولا يبنغي أن توجه توجيها جادا كثيرا ولا أن تطول، فلا تحفظ قصيدة مطولة من ازريكة وهذا شرط أساسي من شروطها ومن أطال فيها فقد أخطأ، ومواضيعها في الغالب الإخوانيات أو الغزل أو ترقيص الأطفال ”

السراج : من الشخصيات الكبيرة التي تركت بصماتها على التاريخ الموريتاني أدبا وثقافة وتاريخا المؤرخ المختار ولد حامدن ماذا عن شخصية هذا الرجل الفذ؟

محمد فال : لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله …لقد عرفت المختار ولد حامدن وأنا طفل حدث (8 سنوات ) وحينها كنت أقرأ مقامته (طابه وشاهين) وحاولت حينها تقليدها، ولاحقا تعرفت على شعره ..وجمعت منه كثيرا لدافع الإعجاب وناتج التأثر الكبير.

وقد جاء مرة إلى ” انيفرار” وسمع لي بيتين (بيتي ميني جب ) فطلب من بعض الناس أن يكتبهما له حيث استطرفهما.

وزرته مرة في المدينة المنورة وسلمت عليه فقالي : ماذا جئتم به لنا من الفرحة” فقلت له : لم آت بشيئ ولكنني أتحمل النسيئة” فقال لي : لا يوجد غير النسيئة ” ربما أشار رحمه الله تعالى إلى عمره الذي طال في عمر وورع وثقافة وأدب لا مثيل له.

ويمكن القول إن لشعر المختار ولد حامدن ثلاث مستويات كبيرة كلما مضى علم منها بدا علم وكلما ارتقى قارئه درجة منه لاحت له الدرجة الثانية أبعد وأعلى.

وربما ادعى أحدهم اليوم أن فهم شعر المختار ولد حامدن وهو منه مناط الثريا ..فهو ديوان شامل للنكت والإحالات والشواهد والبديع.

وكنت قد تعهدت للجنة المشرفة على جمع وتحقيق ديوان ولد حامدن أن أضع لهم مؤلفا بعنوان ” فرائد الفوائد في نكت ونوادر شعر ابن حامد”

وقد بلغني أن الديوان قيد الجمع ولقد طال ذاك الجمع وآن أن يخرج للناس،ويصعب أن يجمع شعر المختار بن حامدن كله، فهو ممتد ومنتثر في كل بقاع موريتانيا ولدى كل أهل بئر أو قرية أو أسرة في آفطوط وبقاعه قصيدة أو قطعة أو أبيات للمختار ولد حامدن رحمه الله تعالى.

السراج : يستشكل بعضهم كلمة من أبياته التي كتب لأهل الخوارة هل هي ” طرح أو ترح”؟

محمد فال : الأبيات المشهورة :

عن آل حمدان بالخوارة العار ناء ونائية لولا القرى النار

حمر الكؤوس على لحم على طرح من مارو لكن فما أحلاه من مار

ياآل حمدان إني حامد لكم وشاكر لكم أيضا ومختار.

أظن أنها” طرح ” ربما تكون من الطرحة الحسانية وهي “السفرة” هذا إن لم تكن مصحفة وهي أبيات رائعة جدا جدا خصوصا ” فما أحلاه من مارو” (يضحك).

السراج : وهل التقيت بالمختار ولد حامدن شخصيا؟

محمد فال : مرة زار ” لخيام” فجئت إليه بقصد الدعاء لي وكنت حينها طفلا كما زرته في المدينة المنورة بعد ذلك؟

السراج : ظهرت في تلك الفترة نزعة تنسكية في شعر المختار ولد حامدن؟

محمد فال : ظهرت في تلك الفترة دون شك ..الجميع يتذكر قصيدته

تَخَلَّفتُ عن سلفٍ راشدِ أبي حامدٍ وأخي حامدِ

فما كنتُ بالعالِم الْمُتقي ولا العابدِ الراكِعِ الساجِدِ

ويا حبذا لو مَشَيتُ على هُدى ذلك السلف الراشد

كما سار مِن أهل بيتي على هدَى البيتِ أكثرُ مِن واحدِ

قَفَا بارَكَ الله فيه ابنُهُ ويقفُو أخي حامداً والدي

فما كنتُ مثلَ أخي المقتدي ولا أحمدَ السالِم العابدِ

وما كانَ يَجْمُلُ أن يَسْبِقا وأبقَى على الدَّرْب كالجامدِ

فَما سَبَقا مَوْلِدي مَوْلِداً ولا كان هذا ولا ذا لِدي

ولكننِي نِمْتُ واستيقظا ولِليَقِظِ السَّبْقُ لا الراقِدِ

وكان مِثالِي وإياهُما مثال الْمُجاهدِ والقاعد

وأرجو أنَ انْهَضَ مِن نَوْمَتِي فألْحَقَ بالناهض الصاعِدِ

فأحْسِنَ مِن حَوْبَتِي توْبَتِي إلى الأحَدِ الصَّمَد الواحدِ

وأستغفرُ الله مِنْ مَاثَمِي ، أمُدُّ إلى عَفْوِهِ ساعِدي

عفا الله عن سَلَفٍ غائبٍ وبارَك في خَلَفٍ شاهِدِ

وألْهَمَهُ رَشَداً طارِفاً إلى رَشَدٍ سالِفٍ تالِدِ

وكذا أرجوزته السائرة الذائعة

عمرت ما يدكر المدكر

فيه فكيف كان هذا العمر

وفيها :

ما كأبي كنت ولا كأمي ولا أخي ومن نمى وعمي

ولا ذويهم عسى يهديني للبر ربي وصلاح الدين

كما هدى في الزمن الذي خلا ذاك الذي مائة نفس قتلا

فإنني كما مشى مشيت عن القرى التي بها عصيت

مجاورا بطيبة المنورة أطيب خلق ربه وأطهره

وليس مقنطي إسرافي على نفسي من رحمة مولاي علا

لكن تلك النزعة لم تخفت أبدا في شعر ولد حامدن وإن ظهرت بشكل أكبر في إقامته في المدينة المنورة،فقد كان في أغلب قصائده ذلك النفس الرباني لكبير.

وبالجملة فإن المختار رحمه الله لم ينل ما يناسبه من تقدير وكل الإجراءات أو التكريمات التي أعلن عنها أو أعلنت لصالحه لا تتقدم ولم تتطور كما لم تكن تقديرا يناسب مكانة هذا الرجل العظيم الذي وهبه الله تعالى موهبة عظيمة في كل شيئ وأذكر أنه قال مرة في مقابلة مع الإذاعة ” أنا لا أقول إلا شعر المناسبات ” بمعنى أنه لا يقول الشعر إلا بسبب أو بدافع.

ويحتاج المختار ولد حامدن إلى البحث من جديد فديوانه روضة غناء ونثره آية من آيات الإبداع،وهو فوق ذلك عالم كبير وقارئ مجود وإمام في فن المنطق ولم يكن يظهر تلك الشخصية لكنها أبت إلا أن تظهر وتبرز في شعره فتتحول قصائده إلى موسوعة كبيرة فيها الأدب والفقه والتاريخ والمنطق والأمثال والقرآن وكل شيئ عجيب.

وأذكر أنه رحمه الله أرسل إلينا قصيدة (أهل ابير اتورس واهل انيفرار) وكل شطر بيت منها منته بشطر أو كلمات من لامية الأفعال وقد رددت عليها حينها بقصيدة مختومة بأشطار لامية الأفعال كما رد عليه حمدا ولد التاه لكن ليس على نفس النمط.

يتواصل

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى