قال باحثون أمريكيون إن الإفراط في تناول الملح والتقليل الشديد من البوتاسيوم قد يزيدان من خطر الوفاة.
وتتعارض النتائج الجديدة التي توصل إليها فريق من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها مع دراسة أثارت جدلا حادا ونشرت الاسبوع الماضي لم تجد دليلا على أن التقليل من تناول الملح يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والوفاة المبكرة.
وقال الدكتور توماس فارلي مفوض الصحة لمدينة نيويورك، والذي يقود حملة للحد من الملح في المطاعم والأطعمة المعلبة بنسبة 25 بالمئة خلال خمس سنوات، “مازال الملح ضارا لكم.”
ويتفق غالبية خبراء الصحة مع فارلي في أن تناول الملح بشكل مفرط غير مفيد للصحة، وأن التقليل من الملح قد يقلل من ارتفاع ضغط الدم الذي يزيد مخاطر النوبات والسكتات القلبية.
وركزت دراسة المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها والتي نشرت في دورية “اركايفيز اوف انترنال مديسين”، ونقلت وكالة رويترز مقتطفات منها، على بحث يظهر أن النظام الغذائي الذي يقوم على تناول الملح بنسبة عالية والبوتاسيوم بنسبة منخفضة محفوف بالمخاطر.
وقال فارلي الذي كتب مقالا افتتاحيا عن الدراسة إنها أفضل دارسة حتى الآن للآثار طويلة الأجل للافراط في تناول الملح.
ودرس الباحثون الآثار طويلة الأجل لتناول الصوديوم والبوتاسيوم كجزء من دراسة مدتها 15 عاما على أكثر من 12 ألف شخص.
وبنهاية فترة الدارسة توفي 2270 من المشاركين في الدراسة، وكان السبب في 825 من حالات الوفاة مرض قلبي، بينما كانت 433 حالة وفاة بسبب جلطات الدم.
أفادت مجموعة من الباحثين الأحد 14-11-2010 أن تخفيض كمية الملح التي يتناولها المراهقون يومياً يحميهم من خطر الإصابة بأمراض في القلب وجلطة دماغية بشكل كبير عندما يكبرون.
وتوقع الباحثون أن خفض المراهق بواقع ثلاثة آلاف ملغرام من الصوديوم الذي يدخل الى جسمه يمكن أن يخفض ضغط الدم بنسبة تتراوح بين 30 و43% عندما يصبحوا بالغين.
وأشارت البيانات التي قدمت خلال الجلسات العلمية لاجتماع جمعية القلب الأمريكية في شيكاغو الأسبوع الماضي أن من بين الفوائد التي يتم تحقيقها بمرور الوقت مع بلوغ المراهق سن الخمسين انخفاضا بنسبة تتراوح بين 7 و12 في% في الإصابة بأمراض في الشريان التاجي وانخفاضا بنسبة تتراوح بين 8 و14% في الإصابة بأزمات قلبية وإنخفاضا بنسبة تتراوح بين 5 و8% في الإصابة بجلطة دماغية.
وقالت الباحثة والمتخصصة في علم الأمراض الدكتورة كريستين بيبينزدومينجو :”الميزة الإضافية لخفض استهلاك الملح مبكرا هو أن باستطاعتنا أن نأمل بتغيير التوقعات لما ينبغي أن يكون عليه مذاق الطعام بشكل مثالي لشيء ملحه أقل بشكل طفيف”.
وتُوصي جمعية القلب الأمريكية بالحد من كمية الصوديوم التي يتم تناولها الى 1500 ملغرام ويستهلك المراهقون أكثر من 3800 ملغرام بما يزيد عن أي مجموعة أخرى.
ويُذكر أن الطعام المصنع يحتوي بشكل نمطي على كمية كبيرة من الصوديوم، وذكرت بيانات من المركز القومي للإحصاءات الصحية أن البيتزا إحدى أكبر المشكلات بالنسبة للمراهقين عندما يتعلق الأمر بالصوديوم .
الأشخاص الذين يعانون قصوراً بالقلب ويتناولون أطعمة غنية بالملح من الأرجح أن يعانوا مشاكل صحية كبيرة تنتهي بهم في المستشفى كما تحذر دراسة حديثة.
ويقول كاتب الدراسة د. غاري نيوتن بمستشفى جبل سيناء بأونتاريو أن تناول الكثير من الملح يمثل خطورة كبيرة على مرضى قصور القلب حتى من استقرت حالتهم بتناولهم المنتظم للعلاج.
تقول الدراسة إن الأشخاص الذين يتناولون الملح بمعدل 3.8 غرام من الصوديوم كل يوم (ما يوازي ملعقتي شاي ملح وهو المقدار الذي أوصت به جمعية القلب الأمريكية للأشخاص الأصحاء) يواجهون بشكل مضاعف خطر الإصابة بقصور وهبوط القلب في خلال ثلاثة سنوات إذا ما قورنوا بأشخاص يتناولون كميات أقل من الملح.
وعادة ما ينصح خبراء الصحة بتقليل الملح في الطعام بشكل عام، إلا أن الدليل العلمي الذي يؤيد تلك التوصية خاصة لمرضى قصور القلب لا يزال ضعيفا وغير كاف كما يقول الكاتب.
وتوصي جمعية القلب الأمريكية الأشخاص الأصحاء بتناول ما لا يزيد عن 1.5 غرام من الصوديوم كل يوم إلا أن متوسط ما يتناوله الأمريكيون من ملح في طعامهم يقارب 3.5 غرام كل يوم.
وتتمثل خطورة الصوديوم مع حالات قصور القلب في أنه يتسبب في احتجاز الماء بالجسم وهي المشكلة التي يعاني منها مرضى قصور القلب والتي تتسبب في تكون السوائل بالرئتين والبطن والكاحل كما تخبرنا ماري كنودسون مؤلفة كتاب “كيف تتعايش مع مرض قصور القلب”.
لهذا يتناول مرضي قصور القلب العقارات المدرة للبول لتساعدهم على التخلص من السوائل والصوديوم الزائد بالجسم كما يتم نصحهم بتقليل الملح في طعامهم.
ولدراسة تأثير الملح الزائد في الطعام على حالات قصور القلب قام د. نيوتن وفريق البحث بمتابعة حالة 123 شخصا مصابين بقصور القلب إلا أن حالتهم مستقرة. وقد وجد نيوتن أن نسبة قليلة من حالات قصور القلب تموت كل عام بينما الكثيرين ممن ينتظمون في تناول العلاج يتعايشون مع المشكلة إلى أن تزداد حدتها.
من بين الأشخاص الذين يعانون قصوراً بالقلب ويتناولون الكثير من الصوديوم بمتوسط 3.8 غرام باليوم حوالي 50% منهم أُرسلوا للمستشفى في خلال ثلاث سنوات تقريباً. على العكس حوالي 12 إلى 15% من الأشخاص الذين يتناولون القليل من الملح في طعامهم دخلوا المستشفى في نفس الفترة.
كما أن الأشخاص الذين كانوا يتناولون الكثير من الملح سجلوا ثلاثة مرات أعلى من غيرهم من أفراد العينة في مخاطر الموت أثناء فترة الدراسة.
قد يكون من الصعب إثبات الأثر المباشر للملح علي زيادة معدلات الوفاة بين مرضى قصور القلب ولكن حقيقة أن الملح له تأثير سلبي علي نظام الأوعية الدموية بالقلب يجعلنا نحذر الأشخاص الذين يعانون قصوراً بالقلب من تناول الكثير من الملح في طعامهم. لمحدودية هذه الدراسة قد لا نستطيع تحديد المقدار المقبول من الملح في استهلاك كل شخص. لهذا من الأمن أن نقلل الملح قدر الإمكان في طعامنا.
وقد لا يحتاج المرء تناول طعام عادم لا مذاق للملح فيه ولكن أقل ما يجب أن يتحسب منه مريض قصور القلب هو اللحوم المصنعة التي يدخل في تصنيعها الكثير من الصوديوم وكذلك كثير من الأطعمة الجاهزة والمعلبات.
اقترحت دراسة بلجيكية أن الأشخاص الذين يتناولون الكثير من الملح لا تزيد لديهم مخاطر الإصابة بضغط الدم المرتفع، كما أن تقليل الملح لا يعرضهم لمخاطر الوفاة بأمراض القلب.
وقالت كاتبة الدراسة الدكتورة جين ستايسين من جامعة لوفين ببلجيكا: “بالطبع لا تتفق نتائج هذه الدراسة مع التوصية الحالية بتقليل تناول ملح الطعام بشكل عام”.
واعتمدت الدراسة على بيانات دراستين مختلفتين اشتملت على 3700 شخص أوروبي والذي تم قياس نسب الملح لديهم من خلال تحليل عينات البول عند بدء الدراسة، ثم قامت ستايسين وزملاؤها بتقسيم المشاركين لثلاث مجموعات، الأولى تناولت أعلى كمية من الملح والثانية استهلكت أقل كمية بينما المجموعة الثالثة تناولت المعدل الموصى به.
ولم يكن أي من المشاركين يعانون أمراض القلب عند بدء الدراسة، كما سجل ثلثي أفراد العينة قياس ضغط دم طبيعي وتمت متابعة أفراد العينة لحوالي 8 سنوات تمكّن الباحثون من تحديد الأشخاص الذين أصيبوا بأمراض القلب وفي مجموعة أصغر منهم أصيب بضغط الدم المرتفع.
وأثبتت النتائج أن فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لم تختلف بين المجموعات الثلاثة، مع ذلك وجد أن المجموعة التي تناولت أقل كمية من الملح سجلت أعلى نسبة وفيات من أمراض القلب أثناء فترة المتابعة، بينما سجلت المجموعة التي تناولت أعلى كمية من الملح أقل نسبة وفيات من هذه الأمراض، وفي كل المجموعات الثلاث حوالي واحد من كل أربعة مشاركين ممن بدأوا الدراسة وهم يتمتعون بضغط دم طبيعي تم تشخيص حالتهم بضغط الدم المرتفع أثناء فترة المتابعة.
كما وجد الباحثون أن مقياسا واحدا لضغط الدم، وهو المقياس الانقباضي، ازداد مع زيادة تناول الملح بمرور الوقت إلا أن الاختلاف كان صغيراً جداً لهذا ربما لا يكون هاماً بالنسبة للنتائج الصحية، ومع ذلك ربما يكون من الصواب تقليل الملح في طعام الأشخاص الذين يعانون ضغط الدم المرتفع أو من كانوا يعانون من مشاكل بالقلب، إلا أن هذه الدراسة لم تجد دليلا على أن ملح الطعام يتسبب في سوء تلك المشاكل الصحية.
وأفادت الإرشادات الأمريكية أن الأمريكيين يتناولون أقل من 2300 مليغرام من الملح كل يوم و 1500 مليغرام لبعض الأشخاص الذين يواجهون مخاطر الإصابة بضغط الدم المرتفع وأمراض القلب.
وذكرت دراسات سابقة أن ضغط الدم يستفيد من تقليل كميات الملح التي نستهلكها في طعامنا، ولم تثبت البحوث بعد ما إذا كان ذلك يترجم إلى تحسن عام في صحة القلب في جموع الناس.