استمعوا لمهاتير محمد الليبي

من ليبيا يأتي كل جديد، كثيرا ما ترددت هذه المقولة أثناء ثورة 17 فبراير المجيدة. وكان دائما ما يكون الجديد الليبي مصدر فخر واعتزاز لنا نحن العرب، ولكن هذه الأيام أتانا جديد لم نكن يوما لنتخيل أن نسمعه أو أن نراه، جديد ولكن هذه المرة ليس من أبطال ليبيا وثوارها، بل من تحالف بدأ يظهر على الساحة بين الليبرالية الليبية وفلول القذافي وبقايا رموزه.

وهذا التحالف لبس رداء الوطنية والخوف على استقلال ليبيا. والحط من شأن رموز المرحلة في الثورة الليبية. وإظهار هذه الرموز بمظهر الخونة والمتآمرين على ليبيا،
إنها نفس مقولة المقبور القذافي ولكنها بدأت تظهر بزي جديد. زيّ لا يختلف كثيرا عن أزياء معمر التي اشتهر بها،

تناوب هؤلاء على وسائل الإعلام، فمرة يقول احدهم أن مصطفى عبدالجليل ضعيف والآخر يقول انه خائن، ومتآمر على ليبيا.

تناوب يطال دولة قطر التي اختلط دم أبنائها بالدم الليبي على تراب ليبيا الحبيبة، ووقفت مع الثورة الليبية وقفة جادة وشجاعة، أصبحت تريد احتلال ليبيا،

ولم يقف عند هذا بل قسموا الثوار إلى جماعات، جماعة الزنتان أصبح إبطالها لصوص، وثوار مصراته أصبح أبطالها متكبرون جبارون ظلمة.

حملات تلو حملات، كظلمات فوق ظلمات، يحار فيها الإنسان ويفقد بوصلة الاتجاه.

ولكن من هم أبطال هذه الحملات ؟ ومن هم في المقدمة ؟ ومن هم مطلقو هذه الشائعات ؟
لنأت على بعضهم، ممن اظهر نفسه للعلن، ومن المؤكد أن هنالك آخرون مازالوا يخبئون رؤوسهم ولكنها ستظهر في وقت من الأوقات. إذا سنحت الفرصة وتمكن من كان منهم في المقدمة من تدمير حصون الثورة، سيدخلون في المشهد ويغنموا لبيبا.

أولهم السيد عبد الرحمن شلقم، الذي خدم مع القذافي 42 عام، وله من المقابلات المسجلة ما يعظم فيها ويبجل المقبور. السيد شلقم الذي اختفي أوائل الثورة لفترة طويلة ولم يعثر عليه رغم بحث أعضاء الوفد الليبي عنه لمدة أسبوع، وكان السيد إبراهيم الدباشي هو من يقود الحملة المؤيدة للثورة، ولم يظهر السيد عبد الرحمن إلا بعد أن تأكد أن المجتمع الدولي عازم على إزالة القذافي، وانه لن يبقى في الحكم، هنا قفز عن المركب الغارق،

حسنته الوحيدة والتي وظفت توظيفا جيدا لصالحة هي كلمته الشهيرة أمام مجلس الأمن في الأمم المتحدة، ولكنها كانت كلمة موجهه للرأي العام العالمي وليس لمجلس الأمن الدولي.فمجلس الأمن لا يتخذ قراراته بناء على خطب ومقولات. بل تكون القرارات قد اتخذت من قبل ’ وبعد مباحثات ومشاورات بين الدول الأعضاء ولا تدخل مرحلة التصويت إلا بعد أن تكون قد أشبعت بحثها ومناقشة وأصبح القرار فيها معروفا مسبقا، ومثل هذه الكلمات هي لتسجيل مواقف وليست لاتخاذ قرارات، إذن حسنته الوحيدة هي حسنة إعلامية وليست حسنة حقيقية. وحتى الدموع الحقيقية التي ذرفها الدباشي جيرت لصالح شلقم. أما ما كان قبل الثورة من السيد شلقم فمعروف، وما كان بعد الثورة فهو معروف أيضا ولكن يحاول البعض طمسه، ونسأل من يقف مع شلقم سؤالا، أتمنى أن يجيبوني عليه،

أليس هو من دعا إلى مؤتمر روما الشهير ؟

ذلك المؤتمر الذي كان محاولة للالتفاف على الثورة. ومحاولة لتنحية المجلس الوطني الانتقالي عن قيادة الثورة وإعطاء مؤيدي القذافي الغطاء الدولي لقيادة الثورة ثم إزالتها من محتواها، هل كان مع الثورة آن ذاك ؟

فهذا هو رأس الحربة التي يحاول الليبراليون استعماله إعلاميا لتدمير أسس الثورة التي بدأت بالله اكبر واستمرت بالله اكبر وما زالت تنادي بالله اكبر.

والمضحك أن رمزا آخر من رموز القذافي دخل على خط الثورة وبدأ بتخوين رموزها وتدمير قواعدها وهو السيد محمد عبدالمطلب ألهوني، ولمن لا يعرفه فهو مستشار سيف القذافي، لبس عبدالمطلب لباس الثوار،،وخرج يخون عبدالجليل كما كان بعض السابقون يخونون جبريل ويخوفون من سيطرة قطرية على ليبيا كل هذه الحملات انطلقت بقوتها بعد اختيار السيد عبدالرحيم الكيب لرئاسة الوزراء في ليبيا، وعندما أعلن أن الشريعة هي مصدر القوانين، أو المصدر الرئيسي للقوانين، ولم يفتح الباب أمام شلقم ومن يماثله لكي يتولى مناصب في الحكومة، فمعياره الذي أصدره صراحة، أن لا لرموز الحكم السابق،

وهكذا اتفقت المصالح بين الليبرالية والعلمانية ورموز الحكم السابق، فأصبحوا يتعاونون، احدهم يصرح، ويتلقف الآخر تصريحه لكي يخوف الليبيين من الإسلام بتخويفهم من بعض الإسلاميين، ويربط الإسلام بالتبعية للخارج.

وهنا لا بد أن نذكر أمرا مضحكا، فعندما تأسست مجموعة أصدقاء ليبيا، وهي مجموعة من الدول تهدف إلى مساعدة ليبيا على الخروج من أزمتها، دون التدخل في قراراتها السيادية. بل كمجموعة استشارية دولية، وهي هدف نبيل، نعم هدف نبيل، حيث أن وجود مثل هذه المجموعة يمنع التدخل الفردي من الدول الغربية في الشأن الليبي. ويكون لليبيا مصدر آمن ومأمون للتعاون في الأمور التخطيطية في ظل انعدام مؤسسات المجتمع المدني وحتى هيكلية الدولة التي دمرها القذافي خلال فترة حكمه،

فمجموعة أصدقاء ليبيا هي لحماية ليبيا من التدخلات الخارجية، والأطماع الخارجية، وحماية لاستقلال ليبيا واستقلاليتها في قراراتها السيادية، المضحك أن اعتراض هؤلاء على رئاسة قطر لهذه المجموعة، ولماذا ترأسها قطر وهي تحتوي على الكثير من دول العالم، كأنهم يريدون أن تتولاها أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا، ولكن ليس قطر.

لهؤلاء أقول، إن رئاسة قطر هي صمام آمان لليبيا واستقلالها، فقطر ليس لها أطماع في ليبيا، وهي دولة عربية مسلمة تشابه ليبيا في الكثير من العوامل الاجتماعية والاقتصادية، وهي الأقرب لفهم الاحتياجات الليبية، وهي التي وقفت مع ليبيا والليبيين موقف صدق، بالدم والمال والسلاح والكثير الكثير الذي لا ينكره إلا ظالم.

بهذا القرب الاجتماعي والديني والسياسي واللغوي قطر هي الأكبر، وهي الأسلم والآمن لليبيا والليبيين، وليس المقياس هنا مقياس حجم الدولة أو حجم جيشها، فالمهمة هي مساعدة ليبيا لاجتياز ألازمه ( اكرر مساعدة ليبيا ) وليس احتلالها أو السيطرة عليها لنحسب حساب حجم الدولة أو جيشها.

سأعود لبحث موضوع يطرح بكثرة وهي شائعة تسليح قطر للجماعات الإسلامية، وإنها ترغب في تكوين حزب مماثل لحزب الله في ليبيا، وهي فرية وشائعة، في مقال قادم. ولكن أي محقق يعلم استحالة قيام مثيل لحزب الله الشيعي اللبناني في ليبيا، فلا الظروف الاجتماعية ولا الدينية ولا الاقتصادية ولا السياسية تساعد على قيام حزب مسلح في ليبيا، وهي محض خيال، وفزّاعة لتخويف الشعب الليبي من أخوانهم العرب، ومحاولة لإخراج العرب من المرحلة القادمة في ليبيا وتركها للقوى الغربية.

بالطبع أنا هنا لا أدافع عن الأخوان المسلمين أو غيرها من المجموعات الإسلامية، فهم لهم إعلامهم ويستطيعون الدفاع عن أنفسهم.

ولكني أؤكد أن أي مجموعة إسلامية متطرفة لن تستطيع السيطرة على ليبيا، وان الذي يتخوف منه الكثيرون، فيجدون أنفسهم يجب أن يكونوا إما مع العلمانية أو مع الإسلاميون المتشددون، إن تخوفكم غير صحيح، فهنالك الكثير من الاتجاهات السياسية التي ستظهر على الساحة،ليست بالليبرالية الغربية وليست بالعلمانية الإلحادية وليست بالإسلامية المتشددة، بل بإسلامية شبيهة بإسلامية القائد الماليزي مهاتير محمد وبإسلامية رجب طيب اوردغان، إسلامية تتخذ من حرية الفرد وكرامته شعار، ولكن مع الصخب اليوم في وسائل الإعلام لا تسمع أصوات هؤلاء، ولكنها ستسمع وقريبا، وستكون لها كلمة الفصل إن شاء الله.

ارجوا من المخلصين الليبيين أن يستمعوا لمهاتير محمد الليبي، وليس لهؤلاء ولا هؤلاء ولا هؤلاء.

وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي.

صالح بن عبدالله السليمان

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى