متى ستستفيد المعارضة من أخطائها وتعيد تنظيم صفوفها حتى لاتلدغ من نفس الجحر مرتين؟

لاشك أنه من الضروري إعطاء الرئيس المنتخب فرصة لترتيب أوضاع طاقم إدارته وبلورة معالم إستراتيجيته في الحكم قبل الشروع في عملية تقييم أداء حكومته ولابأس إذا إستغلت المعارضة هذا الحيز الزمني في مراجعة الذات ومحاسبة المسؤولين عن الإخفاقات والهزائم التي ألمت بها.

فلماذا لايتم إنتخاب طاقات شابة تحل محل الجيل الأول الذي كان أداؤه باهتا على مختلف الأصعدة سواء تعلق الأمر بالأداء التفاوضي أو الأداء الإنتخابي حيث ثبت أن قبول إستقالة الرئيس والمشاركة في إنتخابات رئاسية في فترة وجيزة كانت أخطاء قاتلة ينضاف إليها فشلهم في إقناع الناخب أن السلطة العسكرية لم تكن بريئة من ذنب إخفاقات الأنظمة السابقة لأنها كانت تدير اللعبة من وراء الستار وبالتالي فإنها وحدها من يتحمل أوزار تلك الأنظمة وأن المعارضة هي الطرف الوحيد الذي يحق له التحدث بإسم الفقراء والدفاع عن مصالهم لأن أياديها لم تتلطخ بعد بمطبخ الحكم ووصفتها السياسية لم توضع بعد على محك التجربة كما هو حال السلطات العسكرية.

فبدلا من رؤية مرحشي المعارضة يتخذون زمام المبادرة في الهجوم على مرشح العسكر كانوا دائما في موقع المدافع، إن المرحلة تحتاج لوجود معارضة قوية ومتماسكة، تستفيد من أخطائها وتقوم بعملية تغيير وإعادة هيكلة شاملة تتخلص من خلالها من الجيل الأول وتنتخب قيادات شابة تحمل على عواتقها منازلة محمد ولد عبد العزيز الذي يبدو أن دائرة المستشارين التي تحيط به هي الأخرى لم تكن بأحسن حال حيث يمكن للمتابع أن يتلمس ضعف أدائها من خطاب القسم الذي جاء تحت التوقعات حيث توقع المثقفون الموريتانيون لذلك الخطاب أن يرقى لحجم التحديات التي واجهها ويواجهها بلد خرج لتوه من حملة إنتخابية شرسة قسمته إلى نصفين متصارعين كانت إمتداد للإحتقان السياسي الذي تلى إنقلاب 6 أغشت وعليه فإنه كان من المفروض أن يكون خطاب عزف على وتر الحس الوطني وتطيب خواطر المعارضة والتهوين عليها من مرارة الهزيمة والإشارة إلى أولئك الذين صوتوا ضد الرئيس وطمئنتهم أنه سيكون خادما لهم تماما كما سيكون خادما لأولئك الذين صوتوا له والدعوة لطي صفحة الأجواء التي سادت الحملة وفتح صفحة جديدة تحتضن فيها موريتانيا جميع أبنائها دون إستثناء.

بالإضافة إلى أن التشكيلة الحكومية رغم أنها اتخذت طابعا قبليا إلا أن قبائل مهمة دأبت على الحضور بقوة في جميع الحكومات التي تعاقبت على البلاد منذ الإستقلال قد تم إقصاؤها من الحكومة بشكل كامل رغم دعمها القوي لمحمد ولد عبد العزيز وهو ما أدى إلى إشاعة حالة من الإستغراب وخيبة الأمل في صفوف زعامات تلك القبائل إذا ما أضفناه إلى جو اليأس والحسرة الذي يخيم على المعارضة التي خسرت لتوها إنتخابات كانت تراهن على الأقل على حسمها في الشوط الثاني فإن حجم الإحتقان السياسي الناتج عن ذلك مضافا إلى إرتفاع أسعار السلع الأساسية وفشل الحكومة في الحفاظ عليها عند مستوى أسعار الحملة قد يخلق إنطباعا عاما مفاده أن جميع الوعود التي قطعها الرئيس أثناء الحملة كانت مجرد مطية إمتطاها لتوصله إلى بوابة القصر الرمادي ليرميها في سلة المهملات وأن إهتمامه بالفقراء ليس بالأحسن من أسلافه.

كما أن ضبابية عبارة “الفساد والمفسدين” وانعدام معايير واضحة يتم على أساسها تحديد ما إذا كان الشخص مفسدا أم لا قد تفرغ الحرب على الفساد من مضمونها وتصبح مجرد وسيلة لتصفية الخصوم مما يزيد من إحتقان الشارع كنتيجة لغياب العدل والمساواة كأساس لقيام واستمرار أي نظام خاصة في مجتمعنا البدوي الصحراوي الذي لايصبر على المكوث في القفص وإنما ينفلت من عقاله في أول فرصة تتاح له.

mouldmohamed2@gmail.com

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى