التغيير القادم إلى القصر

  • تشهد الساحة السياسية تجاذبا اشتد في الفترة الأخيرة ويجمع كثير من المرابقين على أنه سيحدث تغييرا ما خصوصا في ظل الأزمة الإقتصادية الصعبة وتفاقم أزمة البطالة وارتفاع الأسعار لكن لا أحد يدري بالضبط نوع ذلك التغيير ..

التجاذب الحاصل الآن أشبه بعملية شد الحبل بين النظام ممثلا في رئيس الدولة محمد ولد عبد العزيز من جهة والمعارضة التى توصف بالرادكالية من جهة أخرى , فولد عبد العزيز يصر على أن أي تغيير يجب أن يكون عن طريق صناديق الإقتراع , والمعارضة تدرك جيدا أن أي انتخابات في ظل حكم ولد عبد العزيز لن تكون الرابح فيها , وأكثر القوي المعارضة تنظيما وتأثيرا في الشباب – المحرك الرئيسي في الربيع العربي – هي القوى الإسلامية وبالذات الإخوان المسلمون ويمثلهم سياسيا حزب تواصل وهو يفضل إصلاحا على الطريقة المغربية يتمثل أساسا في انتخابات نزيهة تمكنه من مشاركة فعلية في إدارة شؤون البلد دون تولي قيادتها وربما هذا ما كان يسعى إليه أيام الإنتخابات الماضية عندما سارع إلى الإعتراف بفوز ولد عبد العزيز وتحسنت علاقاته به قبل أن تتوتر بفعل الإتهام المتبادل بالطعن في الظهر في التحالفات الإنتخابية وبعد استبعاد فضيلة الشيخ محمد الحسن الحسن ولد الددو الواجهة العلمية والدعوية لإخوان موريتانيا بعد أن تم تقريبه في السنوات الأول من حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز , لكنهم الآن يرون هذا النوع من الإصلاح صعبا بعد تجربتهم السابقة بفعل وجود أطراف في النظام لا ترغب بوجود شراكة مع الإسلاميين , ولا يريد الإسلاميون المجازفة من جديد لذلك يرى تواصل لا أنه لا من تغيير النظام فقد أصبح من المستبعد حصول توافق معه إلا إذا تنازل عن الكثير من صلاحياته لرئيس وزراء يكون مسؤولا أمام البرلمان ومنتخبا من قبل الشعب أو ممثليه وطبيعة الرجل تستبعد هكذا خيار.

هذا بالنسبة للإسلاميين وهم القوة الأكثر تأثيرا والأكثر اعتدالا في صفوف المعارضة المقاطعة للحوار أما الأطراف الأخري وفي مقدمتها زعيم المعارضة الأستاذ أحمد ولد داداه وذراع الياسريين في المعارضة ( اتحاد قوى التقدم) – لليساريين ذراع في السلطة أيضا – فإنهم لا يريدون غير إزالة ولد عبد العزيز من السلطة بأي وسيلة كانت لذلك فإن السناريو الأكثر احتمالا هو على النحو التالي :

– تصعيد من قبل المعارضة إعلاميا وعلى أرض الواقع خصوصا عن طريق الطلاب والحركات ذات المسمي الحقوقي أو العنصري بالإضافة إلى تجمعات أصحاب المظالم.

– نفاذ صبر السلطات على ما ستعتبره استفزازا وتقويضا للأمن والإستقرار وبالتالي ستقوم بحملة إعتقالات ولإن كان الوزير السابق الشيخ ولد حرمة استبعد هذا الخيار فإن الوقائع تشير إلى إمكانيته فاللوبي الذي فرق بين ولد عبد العزيز والإسلاميين بعد “أشهر” عسل عدة سيقنعه بضرورة هكذا اعتقالات كما أقنعوا ولد الطائع بها والرجل إذا اقتنع بأمر نفذه ولا ينظر عواقبه, وهذه الإعتقالات ستصب في مصلحة المعارضة لا شك بعد أن كانت فقدت الكثير من شعبيتها بعد أن سحب ولد عبد العزيز الخطاب من تحتها باستخدامه لخطاب الحرب على الفساد والدفاع عن الفقراء والمستضعفين وستزيد هذه الإعتقالات من تأزم الوضع المتأزم أصلا بفعل الوضعية الإقتصادية الصعبة وتفاقم أزمة البطالة وارتفاع الأسعار وسينسى المواطنون ساعتها الطرق التى شيدت وقطع العلاقات مع الصهاينة وغيرها من الأمور التى يتحدث أنصار الرئيس عنها غالبا كإنجازات .

– ستحاول أطراف من المعارضة إقناع أطراف من النظام بضرورة تغيير رأس النظام للمحافظة على مصالحها الذاتية ليتشكل حلف يضم حتى أطرافا من داخل النظام وسيكون السناريو المفضل عندهم هو السناريو الثاني الذي طرح 2008 كخيار أول لإسقاط سيدي ول الشيخ عبدالله أي خلق مظاهرات وتحريك الشارع ثم يتدخل العسكر والأمن ل” إنقاذ “البلد .

– إن فشلت المعارضة في ذلك الخيار الأول وهو تصفية ولد عبد العزيز سياسيا لن تتورع الأطراف الأكثر تطرفا في المعارضة عن خيار طرحه بعضهم إبان إنقلاب 2008 وسربته وثائق ويكيلكس الصيف الماضي وهو تصفية ولد عبد العزيز جسديا أو على الأقل إعاقته إعاقة لا يمكنه معها إدارة شؤون البلد ولأن هذه الخطوة خطوة قذرة لن تتجرأ المعارضة على مواجهة الشعب بها فهي فعلة تخالف روح السماحة والمسالمة التى عرف بها الشعب الموريتاني المسلم المسالم لذلك سيتولى هذه الفعلة شخص قذر مثلها لا يهمه أن يرضي ربه أو يرضي شعبه وإنما يهمه ما يضعه في جيبه أو يرضي به أسياده في تل آبيب خصوصا أنهم لا زالوا غاضبين من طرد سفيرهم من نواكشوط في خطوة كان الجميع متفق على صعوبتها .

– في الأخير قد يتغير رأس النظام وقد تتغير طريقة الحكم قليلا وقد يتم التنازل عن بعض السلطة لكن النظام لن يتغير كله وسيأتى شخص لم يكن بعيدا من هذا النظام وربما كان في يوم ما جزءا منه ولن تكون تلك نهاية فصول الثورة الموريتانية التى بدأت إرهاصاتها عام 2003 وكان من أظهر تلك الإرهاصات حركة فرسان التغيير لكن في النهاية – طال الزمن أو قصر- ستنتصر الثورة الحقيقية , وفي انتظار ذلك سنظل نكرر اللهم الطف بالبلاد والعباد ولك الله يا وطني الحبيب.

محمد عالي الهاشمي

elhachimmi@yahoo.fr

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى