عبرت قيادة فريق مبادرات المناصرة من أجل وصول النساء لمصادر القرار، صباح أمس –خلال مؤتمر صحفي- عن غضبهن من التعديلات التي أدخلت على الأمر القانوني الصادر سنة 2006 والمتعلق بولوج النساء للمأموريات والوظائف الانتخابية، حيث لاحظ الفريق تراجعا ملحوظا عن “كوتا” عشرين في المائة الذي يعتبر حقا مكتسبا للمرأة الموريتانية بفعل نضالاتها منذ الاستقلال وحتى منذ ما قبله!
وبعملية حسابية بسيطة، أظهر الفريق أن القانون في نسخته الجديدة لم يعد يضمن للمرأة سوى 17% من مقاعد الجمعية الوطنية في أحسن الأحوال -وانطلاقا من رؤية متفائلة جدا وإيجابية جدا- أما غرفة الشيوخ فلم يعد يضمن فيها أي تمثيل للمرأة!
المؤسف أن الفريق –المكون من مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد- كان يأمل في الوصول إلى المساواة بين الرجل والمرأة في المناصب الانتخابية أو على الأقل في زيادة الكوتا المخصصة للمرأة لتصل نسبة 33% انسجاما مع الأهداف الإنمائية للألفية التي وعدت موريتانيا بتنفيذها في أفق سنة 2015، فإذا به يكتشف أن آماله لم تكن في محلها رغم ما بذله من جهود ضخمة ليس أقلها شأنا إعداده لمقترح مشروع قانون يعدل ويكمل بعض ترتيبات الأمر القانوني رقم 2006-029 وقيامه بحملة مناصرة طالت مختلف مراكز صنع القرار!
والمؤسف أكثر أن المناسبة التي حصل فيها التراجع عن كوتا المرأة، كانت مناسبة حوار بين قوى سياسية في المعارضة والأغلبية وكانت تحت شعار تطوير الديمقراطية وتجذيرها! وكأن تطوير الديمقراطية يمر حتما عبر الإذعان للقوى المحافظة والرجعية والقضاء على مكتسبات المرأة وإبعادها عن الشأن العام! أو كأن الديمقراطية تعني شيئا آخر غير التحرك باتجاه تحقيق المساواة بين المواطنين وإشراك الفئات الهامشية والمهمشة والتي على رأسها –إن لم نقل في ذيلها- النساء!
ما لم يقله الفريق –ربما لأسباب تتعلق بتشكيلته- هو أن الحرب على النساء لم تبدأ بتعديل الأمر القانوني رقم 2006-029 ، بل بدأت بتصفيتهن من الإدارة الإقليمية ومن المناصب الدبلوماسية السامية ومن عدم وفاء رئيس الجمهورية بتعهده لهن بنسبة 20% من الحكومة، هذا فضلا عن ضعف وجودهن في مراكز صنع القرار الاقتصادي والسياسي وتغييبهن المتعمد عن القضاء! لذلك ليس صدفة أبدا أن يقوم رئيس مجلس الشيوخ أمس بطرد شيخة من “غرفته” لأنها أسمعته ما لا يريد سماعه، كما لم يكن صدفة أن مكتب “غرفته” شكل بطريقة مخالفة للقانون لأنه لم يراع “الكوتا” المخصص للمرأة، وأن ثلث أعضائها انتهت مأموريتهم منذ السنة الماضية!
ليس التراجع الحاصل على مستوى تمثيل النساء حالة معزولة، لأن هناك تراجعات وتراجعات في مجالات أخر، لكنه تراجع من نوع خاص لأنه يستهدف أحد أهم إنجازات المرحلة الانتقالية لسنة 2005/2007 ولا يترك لها سوى إنجاز تنظيم التداول السلمي على السلطة الذي سبق وتم خرقه بطريقة ما، فهل يعني سقوط “كوتا” المرأة، أن تحديد مدة قابلية التجديد لانتداب رئيس الجمهورية مرشحة للسقوط هي الأخرى؟