في المنتصف عرفات 2


  • من المعلوم أن ولاية داخلت نواذيبو شهدت في 13 مارس سنة 2012 بداية زيارة تاريخية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز؛ استهلها بمهرجان حاشد خاطب فيه ساكنة نواذيبو بشكل خاص والشعب الموريتاني بشكل عام.

وفي اليوم الموالي تم تدشين الكثير من المشاريع المهمة لتنمية الولاية.

ونظرا لمبررات عدة من بينها:

– أهمية الحدث من حيث الزمان، والمكان، والزخم والمضمون

– انتمائي لهذه المدينة الجميلة التي تشكل حاليا بحق عينة ممثلة لكل الشعب الموريتاني

– الوجود في قلب الحدث والمشاركة في صنعه، حيث من بين أمور أخري، كنت عضوا في اللجنة المشرفة علي تنظيم المهرجان

– الإتصال اليومي و المباشر بالقاعدة الشعبية في المدينة

– الخصوصية التاريخية للولاية، حيث منها أعلن فخامته ترشحه لرئاسة الجمهورية، كما بشر منها أيضا قبل ذلك ببناء موريتانيا الجديدة.

لا يمكنني كمهتم بالشأن الوطني والسياسي، وبشكل خاص بولاية داخلت نواذيبو إلا أن أتوقف عند بعض دلالات هذا الحدث الهام الآنية والمستقبلية.

  • 1- المهرجان

– لا شك أن من شاهد الحراك الذي شهدته الولاية يشعر أن هناك رغبة كبيرة لدى السكان في التعبير عن الاهتمام بزيارة الرئيس وخطابه، هذا الخطاب الذي تكلم فيه كلاما شاملا وبطريقة مباشرة أثارت ذكريات ماضية كادت تكون منسية لدى البعض إذ بين يوم السبت 11 يوليو 2009 و يوم الثلاثاء 13 مارس 2012 مدة قصيرة نسبيا لكنها قد تكون كافية لينسى البعض وقع الأحداث وتأثيرها فقد كان مهرجان نواذيبو يشبه في كثير من جوانبه مهرجان عرفات، فالمشترك بين الاثنين كثير فهناك:

* الظرفية الزمنية : حيث تظهر الحاجة لإظهار وزن الحجم الانتخابي وان كان الأول في فترة انتخابات رئاسية بينما الثاني في فترة جذب سياسي كثر فيه ادعاء البعض للتأييد الشعبي، فكان الرد مقنعا وغير قابل للتأويل.

* المكان: كلا المهرجانيين كانا شعبيين بامتياز فكان الأول في ساحة وسط الأحياء الشعبية بنواكشوط، كما كان الثاني في ساحة شعبية في نواذيبو.

* كلا المهرجانين كانا في العاصمتين اللتين تضمان النخب الأكبر، ولم يكونا في الداخل حيث تقل النخبة والطبقة المثقفة والعاملة وهذا بالتأكيد ملفت للانتباه، ومؤشر قد يكون حاسما في نتائج أي انتخابات قادمة.

* كلا المهرجانين كان حاشدا وتضمن خطابا مباشرا، مس هموم الناس فأثار عواطفهم واستساغته عقولهم لقوة حججه ووضوح صياغته.

* الخطاب في المهرجانين كان شاملا لهموم الوطن، ومعريا للحجج والادعاءات التي دأب البعض على ترديدها، إلا أن خطاب نواذيبو تضمن جزءا محليا خص مدينة نواذيبو لأنها كانت موضع الزيارة.

  • 2- مستوى الوعي

إذا كان التجاذب السياسي يسعى البعض إلى جعله قويا في هذه الأيام فإن قراءة متأنية، لدلالة خطاب ومهرجان نواذيبو، ستخلص إلى أن الرأي العام الوطني في هذه الأيام يعارض بشكل كاسح الدفع بالبلاد في هكذا اتجاه.

وقد تكون مراعاة الوضعية الدولية وفي المنطقة وشبه المنطقة هي التي تعزز ذلك الاتجاه الحذر المتأني، والمتفهم لواقع بلادنا وظروفنا.

فالعالم يعيش أزمة اقتصادية لم تنفرج بعد وتأثيراتها قوية خاصة على بلد مثل بلدنا ولا أدل على ذلك من مشكلة المحروقات والمواد الأساسية والتي تتطلب دعما متواصلا وربما متزايدا.

وإذا كانت الوضعية الدولية غير مساعدة فإن الظروف في المنطقة وشبه المنطقة تبدو هي الأخرى غير مساعدة حيث تكثر الاضطرابات وحتى الحروب وخاصة على حدودنا الشرقية و الجنوبية وفي البلدان التي شهدت ما يسمي بالربيع العربي والتي لم تستقر فيها الأوضاع بعد…الخ.

وهذه الظروف مجتمعة هي ربما التي جعلت الكثير من المواطنين ينظرون بعين الريبة لكل الدعوات التي تدعو لتحركات غير محسوبة، وهذا ما يلاحظه كل من يتواصل باستمرار مع الشارع الوطني، وهو ما أدى إلى فشل كل الدعوات التي أرادت أن تحاكي ما جرى في بلدان أخرى تختلف ظروفها عن ظروفنا وتختلف أنظمة الحكم فيها عما لدينا…الخ.

  • 3- الخطاب :أبرز الخطاب عدة أمور أهمها:

– البلاد تعيش انفتاحا كاملا يتجسد في حرية التنظيم والتعبير وضمان الحريات كاملة غير منقوصة ولا أدل على ذلك من تحرير الفضاء السمعي والبصري… الخ.

– الالتزام بالحوار والتشاور مع كل القوى الايجابية داخل المجتمع كخيار مبدئي.

– فهم عميق للديمقراطية بوصفها انحيازا للحق وإنصافا للناس وقضاء على التهميش والحرمان وخلقا لتنمية تشمل كل الوطن، وتواجه مشاكله المزمنة والمستعصية التي لم تعالج من قبل الأنظمة السابقة، ففي هذا الخطاب تحدث فخامة الرئيس عن الديمقراطية في الطرق والماء والتعليم والصحة وجسد كلامه أثناء تدشين طريق أنوامغار، وكذلك أثناء حديثه عن مثلث الأمل، …الخ.

– أظهر الخطاب رغبة أصيلة في الاعتماد على النفس والاستقلال، لا شك أنها تجد جذورها في ثقافتنا ونفوسنا الموريتانية الأبية التي تأبى استجداء الغير والاعتماد عليه.
– أبرز الخطاب أن لا تهاون، ولا تقاعس، ولا تسامح عندما يتعلق الأمر بحماية أمن وكرامة الوطن والمواطنين.

  • 4- ما بعد الخطاب

كما كان مهرجان وخطاب عرفات السبت 11 يوليو 2009 محددا وحاسما لانتخابات 18 يوليو2009 ، فإن مهرجان وخطاب نواذيبو الثلاثاء 13 مارس 2012 سيكون محددا لشكل ومستقبل موريتانيا، هذا المستقبل الذي أكد الرئيس أنه سيمتاز بـ:

– محاربة الفساد وصيانة المال العام

– تعزيز الوحدة الوطنية

– الانحياز للفئات الفقيرة والمضطهدة

– العناية بالفئات الحية من النساء والشباب

– الاعتماد على الذات

– التوزيع العادل للثروة

– التنمية الشاملة والمتكاملة

– إيصال الخدمات للمواطنين أينما كانوا

– تعزيز وصيانة الحريات والمكتسبات الديمقراطية

– حماية أمن وسلامة الحوزة الترابية الوطنية

– العناية بالتكوين والتشغيل

– ربط التعليم بالخطة التنموية والاقتصادية

ما بين مهرجان عرفات ومهرجان نواذيبو مسيرة مكللة بالانجازات التي تشكل منطلقا لمستقبل وطني واعد سيتمتع فيه شعبنا بمنجزاته ويحميها بنفسه.

1-49.jpg


محمد عبد الله ولد البخاري


قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى