لا يختلف اثنان على أن برنامج “في العمق” على قناة الجزيرة القطرية خصص حلقته الأخيرة لتعزية إسلاميي موريتانيا في فشل ثورتهم التي يبدو أنه لا أمل في نجاحها.
فقد فوجئ رئيس حزب تواصل جميل منصور بأسئلة محرجة جعلته يتصبب عرقا، وهو الذي ظن أن “قناة الثورة” استدعته لتنجده بعد أن فشل في إثارة الموريتانيين على حليفه بالأمس ولد عبد العزيز.
كان الصحفي الظفيري بموقف المدرس الذي يؤنب تلميذه الراسب ويكشف له نقاط ضعفه وتهافته، لقد قضت “النيران الصديقة” على الثورة التي كانت في وضعية احتضار حقيقي.
رغم كل الكلام الإنشائي لم يفلح جميل منصور في إقناع محاوره الذي كانت ابتسامته الساخرة دليلا على أن الخليجيين اكتشفوا كذب هؤلاء الذين “أوهموا العالم” بأنهم قادرون على تغيير نظام ولد عبد العزيز الذي استفاد من تحركات المعارضة ليكتسب مناعة جديدة ويكتب له عمر جديد.
أقر جميل منصور ضمنا كما يقر الصحفي المحاور صراحة أن محاولات الثورة في موريتانيا فشلت أو تراجعت، كما أقر رئيس حزب تواصل بأن حزبه حزب صغير وما يقوم به مجرد إيهام بالقوة لم يلبث أن تبدد أمام القنابل الصوتية وخراطيم المياه كما وقع ليلة الاعتصام الفاشل 3 مايو الماضي، لقد كان سؤال الظفيري “من أنتم حتى تقوموا بثورة؟ تمثيلكم لا يتجاوز بضعة برلمانيين؟” محرجا وكان العرق المتصبب هو جواب جميل منصور الذي لم تنفعه المراوغة.
تناقض رئيس حزب تواصل عندما اعترف بإسلامية جميع الأحزاب الموريتانية، وتمنى لحزبه مستقبلا كبيرا، بينما لا يبدو أن بضاعة الإسلام السياسي ستكون رائجة في بلد الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للقانون فيه، ولدى أهله فائض من التديّن يصدّر للخارج كما قال الصحفي ” آلاف الفقهاء وحفاظ القرآن”!!
وكان واضحا للجميع أن جميل منصور يكذب وهو ينفي أي علاقة لحزب تواصل بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، لقد كان من الأفضل لزعيم حزب إسلامي أن يستخدم التورية حتى لا يرتكب الكذب الصراح.
رفض الظفيري مزاعم الشرعية الأخلاقية لجميل منصور وهو يدعو لرحيل رئيس اعترف بانتخابه وتحالف معه ولم يمض على مأموريته ثلاث سنوات، كان تعليقه المحرج “أنتم لا تملكون شرعية أخلاقية بعد أن شاركتم في الانتخابات وتحالفتم مع النظام” كافيا لنسف محاولة جميل منصور القفز على الشرعية الدستورية لرئيس لم يكمل مأموريته.
لم يستطع جميل منصور أن يقدم دليلا واحدا على ضعف النظام الموريتاني، ولكنه قدم جميع الأدلة على ضعف المعارضة التي وصفها الصحفي الخليجي بأنها “ضعيفة وانتهازية”، وفي المقابل لم يستطع رئيس حزب تواصل أن يحدد أي سيناريوهات الثورة أقرب لموريتانيا، رغم تحريضه الواضح للجيش على الرئيس عزيز مع يأسه من ذلك.
اعترف جميل منصور أن الإسلاميين الموريتانيين والمعارضة التي تجاريهم “لا يصبرون” حتى تتوفر شروط الثورة، ومع ذلك فهم “يستعجلون” ثمرة في غير أوانها ويبحثون عن الطريق ” الأسهل” حسب تعبير جميل نفسه للوصول إلى السلطة، وهل هناك طريق سهل للوصول للسلطة؟!!!
لو استقبل رئيس حزب تواصل من أمره ما استدبر لما قبل هذا الظهور المرتبك على قناة يعبدها الإسلاميون في العالم العربي ويعتبرونها صوتهم المسموع، لقد خسر السباق حتى عندما سابق نفسه وجرى في الميدان وحده.