بأي ذنب طـرِدَت..!؟

يحق لكل طلبة “الجامعة اليتيمة”، ولكل المهتمين على الساحة، هذه الأيام.. أن يتساءلوا عن الدوافع والمبررات المقنعة التي تدفع جامعة – يفترض أنها تحترم نفسها – لطرد مجموعة من واحد وعشرين طالبا وطالبة، ومنعهم من المشاركة في الامتحانات والتسجيل لمدد متفاوتة..؟! وهي المجموعة التي يشهد أكثر الطلاب بتميزها الأخلاقي والنضالي والدراسي…
ردا على هذا التساؤل الوارد سيقول السفهاء من المتحكمين في رئاسة جامعتنا اليتيمة، ومختلف مفاصلها بأن طرد هذه المجموعة..

..ليس قرارا جائرا كما يصفه الطلاب، ولا هو بالظالم كما ينعته المطرودون.. ولكنه نتيجة طبيعية لتجاوزات قام بها أفراد هذه المجموعة، منها : “تسييس” قضايا الطلاب .. وانتهاك حرمة الحرم الجامعي الآمن.. بإدخال “آلات القتل”!! وتهديد الطلاب والأساتذة… وسب، وازدراء، وتحدي الطاقم التربوي والعلمي لجامعة نواكشوط ..

ولا يخفى على فطن ما في هذه التهم من التهافت والتلفيق والفبركة.. فبالنسبة لتهمة “التسييس”، لا أحد من عصبة الحق الطلابي المطرودة، أثر عنه ترديد ممنوع لشعار سياسي، داخل الحرم الجامعي.. ولا أحد منهم رفع مطالب حزبية سياسية – خارجة على السياق النقابي الطلابي – إلى رئاسة الجامعة، أو إحدى عماداتها.. فيما تم رفع مشاكل ومطالب طلابية لا تنتهي من قبل هذه المجموعة؛ منها ما يتعلق بالخدمات المتردية ( المنح، المطعم، المسكن..)، ومنها ما يتصل بالمنظومة الاكاديمية الهشة (المقررات، مناهج التقويم، الاساتذة، المركبات الجامعية…)، حتى إن المكابر من “القوم” ليقر بوجود هذه المطالب، ومشروعيتها.. لكنهم يفشلون في التعاطي معها، ويتهربون من استحقاقاتها.. فيلجؤون لشماعة السياسة، يعلقون فشلهم عليها..! وهم يعلمون في أنفسهم أن لا سابقة ولا لاحقة من حق.. تقضي بمنع الانتماء السياسي خارج السياق النقابي الطلابي، وخارج أسوار الجامعة.. ولكنهم قوم يتجاهلون..

وإذا ما تجاوزنا شماعة “التسييس” المستهلكة.. تأتينا المبررات الأخرى لطرد هذه المجموعة، وهي المبررات الأكثر سخافة وتهافتا.. من قبيل : حمل “آلة قتل” إلى الجامعة!، وتحدي، وسب، وازدراء الطاقم التربوي والاداري.. مع كبيرة أخرى من الكبائر نسيت أن أذكرها في التقديم، تسمى : “إدخال المصوتات إلى الحرم الجامعي”..

وكل هذه التهم – أيضا – لا يخفى على سليم الفطرة – حتى من صياغتها اللغوية وتركيبها – ما فيها من التلفيق، والتجرؤ على الكذب، والبحث عن أي شيء مُدين! فهي تحيلك تماما إلى القوائم المخيفة من الكبائر والصغائر، التي تلصق بالأبرياء في المحاكمات السياسية المقيتة.
فمن هو العاقل الذي يصدق بأن طالب علم الاجتماع المتميز محمد عالي ولد سيدي محمد..
يمكن أن يحمل “آلة قتل” إلى جامعة نواكشوط؟! ويا ترى بأي دافع!؟ ومن سيقتل بها؟! زملاءه أم أساتذته…!؟ وكلهم يشهدون على أخلاقه الرفيعة، وتميزه في خدمة الطلاب..! فمحمد عالي هو من يحمل إلى كلية الآداب كل سنة مئات المذكرات الدراسية، ويوزعها بالمجان على الطلبة الجدد، بعد أن فشلت عمادة الكلية في تلبية المطلب، الذي طالما ألح به قسم الاتحاد الوطني في “الآداب” (ومحمد عالي عضو فيه)، وهو مطلب توفير مصورات مجانية للطلاب.. ولست أدري – هنا – إن كانت هذه المذكرات الدراسية، التي واظب محمد عالي على حملها إلى الجامعة كل سنة، يمكن أن تشبّه بـ”آلة قتل” في خيال شاعر حالم من أعضاء مجلسنا التأديبي الموقر!

إذا محاسني اللاتي أدل بها … صارت عيوبا فقل لي كيف أعتذر!؟

ومن هو – بربك – العاقل الثاني الذي يصدق بأن طالبة كلية الطب ميمونة بنت محمد الامين – التي تميزت عن زملائها بالأخلاق، قبل أن تتفوق عليهم بالدرجات- يصح اتهامها بتهم ساقطة وسخيفة كـ: سب، وشتم، وازدراء الطاقم التربوي، وإدخال المصوتات إلى كلية الطب!؟ ؛ وكذلك كانت التهم الملفقة لبقية زملائها؛ التهم التي لو سلمنا جدلا بصحتها، فإن تميز”مرتكبيها” دراسيا ونضاليا، وتعلق طلاب الكلية بهم كفيل بتكفيرها؛ فكيف وهي غير صحيحة بالمرة!؛ وهنا يجزم كل المطلعين على تفاصيل الملف، بأن كلية الطب ترتكب فيها الآن جريمة حقيقية، يتولى كبرها منهم العميد سيء الصيت: سيد احمد ولد مكيه، الذي ضرب عرض الحائط بكل القيم والأعراف وأخلاقيات المهنة، وتلاعب بمستقبل الأطباء، وبحياة المرضى.. في سبيل إشباع رغبته الصبيانية في الانتقام من: عبد الرحمن – إسلم – أحمد – حبيب – محمد سالم – ميمونة… “السداسي” الذي حول حياته -كما يقول- إلى “جحيم لا يطاق”، تلاحقه فيه فضائح لا تنتهي من الفساد، والزبونية، والتلاعب بالميزانية، وتحويل الكلية إلى مرقص للفنانين و”مصوتاتهم” المزعجة، إضافة لتكسيره للهيكل الإداري للكلية بالأحادية والاستبداد في اتخاذ القرارات.. وتشويهه لوجهها – بعد ذلك- بـ”ورد يومي” من استدعاء شرطة القمع، يواظب عليه العميد المغمور.. كلما أعجزه التنصل من استحقاقات، أو التهرب من وعود.

وعلى نفس السنة السيئة سارت الخطى المتعثرة لعميدي كلية الاقتصاد، وكلية الآداب؛ لا يجدون ملجئا، أو مغارات، أو مدخلا عن مطالب طلابهم، ومستحقاتهم الكثيرة، إلا ولوا إليه وهم يجمحون؛ فالتنصل من المطالب غايتهم، والقمع إنجيلهم المحكم، واستدعاء الشرطة لتقتحم الحرم الجامعي، ولتعتدي على حاملي الحقوق الطلابية هو أذكارهم المسائية والصباحية..!! ولهذا لم يكن قرار العميدين باللجوء إلى أسلوب “محاكم التفتيش”، والذهاب إلى المجلس التأديبي العام ، إلا خطوة تحت الصفر على سلم القمع المتردي .

واللافت في الأمر – هنا – حين تم تقديم الطلاب المطرودين إلى المجلس التأديبي العام لجامعة نواكشوط، هو أن كل “عميد” يومها، قام برفع لائحة من طلاب كليته “المزعجين” له.. إلا عميد كلية العلوم والتقنيات، فقد تراجع في اللحظة الأخيرة عن تقديم لائحته، لأنه رأى نفسه غير مستعد لأن يسأله التاريخ مع بقية زملائه في “الآداب” و”الطب” و”الاقتصاد”.. عن مستقبل خيرة أبناء الوطن ما ذا عمل فيه؟!، وغير مستعد لأن تلاحقه – مع زملائه – لعنة الزمن، وأن تصك مسامعهم جميعا دعوات الأمهات، ومساءلات الناس عن هذه المجموعة المطرودة : بأي ذنب طردت..؟! وبأية كبيرة يتم عقابها بهذه الطريقة الجماعية، ويومئذ لا أرض تنجيهم ولا سماء ستحميهم من “التأديب” .

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى