نحن الشعب .. الحَكَمُ الذي ترضى حُكُومَته

بعد أيام قليلة، وفي شهر الإخلاص والصدق، على أرض المروءة والضيافة والعلم والجهاد، أرض الإمام الحضرمي، أرض الأمير المجاهد الشهيد الأبي، وفي حضرة القطب الولي، يطالعنا رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، ليعرض ويشرح، ليرد وينافح، ليقول ويصدح، بعد صلاة التراويح على الأرجح، خطابه الطويل المنقح، غير المكتوب ولا المصحح، تطبعه الصراحة والمباشرة، الأرقام والاستقراء والاستدلال والمقارنة، التحدي والأجوبة الوافية، التعرية والأدلة الواضحة، الوصف والإشارة البديهة، الدعوات المضادة المقاربة والمسددة، الاستحقاقات والحوارات والسلطات، الأمل والحقوق…

الوفاء بالعهد

خلال السنوات الثلاثة الماضية، رصدت شخصيا من موقعي المتواضع ما يزيد على 300 إنجاز كبير في مختلف الميادين قامت بها الدولة، وهي انجازات أساسية في حياة المواطن والأمة، وتمثل تجسيدا على الواقع للبرنامج الذي قدمه السيد الرئيس أثناء الحملة الانتخابية، كالتزامات قطعها على نفسه، عكس ما يروج له البعض، وبالمقارنة مع البرنامج الانتخابي ومن خلال العمل الحكومي في السنوات الثلاثة الماضية فإن نسبة التقدم في تنفيذ ذلك البرنامج قد تجاوزت 75 بالمائة على الرغم من أنه لا تزال سنتان كاملتان من مأموريته، بل أكثر من ذلك فقد تم الكثير من الانجازات التي لم تكن مدرجة في ذلك البرنامج الانتخابي.

ساعدت قطعا على هذا التقدم الكبير والفذ من نوعه، قوة إرادة وعزيمة السيد الرئيس واهتمامه بالوعد الذي قطع على نفسه والذي ترشح من أجله أصلا، وهو خدمة الوطن والمواطن والنهوض بهما من خلال التركيز على النماذج الواقعية في الطرح والتنفيذ المباشر والموضوعي. ما خلق جوا عاما من الرضا والقبول لدى المواطن، فأصبح الناس يجدون في كل مكان من الوطن إنجازات كبيرة تخدم مصالحهم وتؤثر إيجابا في حياتهم اليومية، ما شجعهم على المطالبة بالمزيد بعد أن خلق السيد الرئيس وكرس في أذهانهم وسلوكهم مبدأ المطالبة بالحقوق.

رسخت هذه الانجازات إصراره على توفير العيش الكريم لكل مواطن أو مقيم بما ينجر عنها من خدمات تيسر للناس حياتهم وتضمن لهم التقدم والرقي في مناخ عام من احترام المواطن وصيانة حقوقه السياسية والمدنية وتوفير الأمن و الاستقرار، السبيل الناجع والضمانة الحقيقية لتنمية إمكانياته. محققا بذلك أهلية المواطن بالاعتراف بكيانه وبحقه بالمشاركة في اتخاذ القرارات.

ركزت هذه الانجازات على تنمية إمكانيات النضال السياسي السلمي لاستخلاص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية و البيئية، وإدارة أوجه الاختلاف ديمقراطيا، وذلك من خلال الحماية القانونية والفاعلية السياسية التي يوفرها بفضل ما أقره من شرعية العمل الجماعي الحزبي، ومن خلال نضال النقابات ومنظمات المجتمع المدني وتوظيف الإعلام الحر والرأي العام الواعي، الأمر الذي يسمح للمواطنين بالتأثير في مضمون القرارات الجماعية الملزمة لهم لما فيه تحقيق مصالحهم المشروعة، هذا فضلا عن تكريس وتعزيز احترام حقوق الإنسان لهم ولكل من يقيم على ارض الجمهورية أو يمر بها.

لقد أرسى السيد الرئيس مبدأ المساواة بين جميع المواطنين ومهد لقبولها والتطبيق العملي لذلك من خلال إعادة تقييم المواطنة في التحديدات والضوابط التي تضمن حقوق العمل وحقوق صحة الجسم والعقل وحقوق العلم والمعرفة لكل المواطنين وعلى قدم المساواة معتمدا عامل التشريع وعامل التطبيق وعامل حماية هذه القواعد.

طالت هذه الانجازات جميع المواطنين وقد أعطت عناية خاصة لفئات المجتمع الأكثر هشاشة، من النساء والأطفال والمناطق الريفية البعيدة عن مراكز المدن والتي لم تحظ في عمرها المديد من قبل بمستوى من العناية أو التطوير بهذه الدرجة التي طالت الأبعاد كلها: الدينية، الاجتماعية، التعليمية، الإنتاجية، الثقافية …

جسدت ووطدت هذه الانجازات ركائز دولة القانون حيث كانت وفية للمبادئ والقيم الدستورية: فصل السلطات، خضوع الإدارة للقانون، تدرج القواعد القانونية، الاعتراف بالحقوق الفردية، وتنظيم الرقابة القضائية… كما عززت هذه الانجازات قوة فعالية المؤسسات وتوزيع السلطات وقوة تطبيق الأنظمة والقوانين وفصل السلطات وعدم تداخلها وتعزيز المؤسسة التشريعية والقضائية واستقلالهما عن السلطة التنفيذية، وتطبيق مبدأ المكافأة والعقاب ومحاربة الفساد، ومحاربة الارتجال والمحسوبية، وصيانة وحفظ المال العام من النهب سواء في المراكز العليا أو الوسطى أو الدنيا من السلطة، كما قوضت إهدار الكفاءات والموارد، وشخصنة الوظيفة والأداء وسيادة المزاجية.

عززت هذه الانجازات القيم الديمقراطية وبسط سلطة الدولة على جميع المناطق في الجمهورية. كما ركزت هذه الانجازات على محاربة الفقر الذي هو عائق للتنمية، ومتعارض مع حقوق الإنسان، ومؤثر سلبا على الحقوق السياسية والمدنية.

وفرت هذه الانجازات الصدقية والثقافة الديمقراطية والمؤسسات المدنية ودولة النظام والقانون، وأعني هنا بالثقافة الديمقراطية كل المضامين الفكرية والوجدانية التذوقية في مختلف مجالات السلوك السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفرت بذلك الوعاء الحضاري والاستعداد العقلي والمناخ الثقافي والاجتماعي الذي يسوده احترام عقل وحرية وكرامة الإنسان، لتنشأ وتتجسد وتنمو ديمقراطيتنا وذلك من خلال النوايا الحسنة والثقافة الديمقراطية والمؤسسات الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني وتطوير البنية الاجتماعية ومحاربة الفساد ورفع المستوى المعيشي.

هيهات .. هيهات هل يعتقدون أن الشعب

بعد هذا كله هل يعتقد أصحاب القلوب المتخالفة، والطرح الغير ديمقراطي، والمفتقرين للخطاب السياسي المقنع، والذين عجزوا عن تقديم مشروع مجتمعي واضح، والذين لا يملكون حتى خطة للحصول على السلطة أو حشد أدنى “دعم شعبي للثورة”، الثورة1 التي بالفعل حدثت وأثمرت وتمتع الناس بظلالها الوارفة في حدائقها المخضرة المورقة والغناء، هل يعتقدون أننا نحن الشعب نأبه بدعايتهم الفاشلة، والمموهة، وحججهم المبهمة، وأعذارهم الواهية، هل يعتقدون أننا نحن الشعب نغفر لهم احتضانهم للمفسدين و نهبت المال العام والظلمة، دون تكليف أنفسهم حفظ ماء الوجه ولو باعتذار شكلي عن ما ألحقوه بهذا الشعب الطيب، بل وتقديمهم والسير خلفهم لتدمير ما عمره الأخيار في السنوات الثلاثة الماضية. هيهات هيهات

هل يظنون أننا نحن الشعب ننسى لهم تنكرهم وإدارة ظهورهم لمطالبنا الأصيلة في قطع العلاقات المشينة مع إسرائيل، الهوية الإسلامية للبلد، المبعدين والمسفرين، الإرث الإنساني ومخلفات العبودية، ضبط الحالة المدنية، محاربة الفساد ونهب المال العام والخاص، لماذا لم يدعموا هذه الانجازات، أين ما كانوا يتشدقون به من الانحياز للفقراء والضعفاء والمستضعفين والمهمشين والمغلوبين على أمرهم، أم أن كل ذلك كان مجرد مطية وذريعة، أليس ذلك كذلك.

ثم إنكم إن كنتم بهذه الجرأة والبجاحة تطلبون الريادة والقيادة، فأين كنتم يوم جرت عنانها، في 2003 ، لماذا لم تتقدموا يومها، فما كان أيسرها وأسهلها، أم خشيتم أن تصير لغيركم، الحاملين رؤوسهم في أكفهم، نحن الشعب لا ننسى، ولن ننسى تخاذلكم يومها، وإغلاقكم أبواب بيوتكم عليكم، تاركين من سموا أنفسهم “الفرسان” بدون جناح مدني …

عموما ليس الأمر بيدكم، وكما عرف عن عمر ابن الخطاب “لقد خاب من ظن أنه يكسب حربا بفساد أخلاقه”. وما الذي ستقنعوننا به بعد اليوم من أفعالكم وتضحياتكم في أنفسكم أو أبنائكم أو أزواجكم أو إخوانكم أو أخواتكم…

نحن الشعب الحَكَمُ الذي ترضى حُكُومَته لم نقتنع بما قدمتم، فارحلوا حيث تريدون عسى أن تجدوا ما تشتهون، وقد يكون لكم ذلك في مكان آخر و زمان آخر.

المهندس محمد ولد أبات ولد الشيخ
batta122000@yahoo.fr

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى