كلمة في تأبين الشيخ محمد النيسبوري بن أحمد باب بن علي :

رحل عن دنيانا أمس رجل عرفته في السفر والحضر مخبتا منيبا معينا لذوي الحاجات ، مهاجرا لأهل اللجاجات ، فتى ينشدك من الأشعار مارق وندر ، ومن الفوائد ما حسن وبدر فرغم أن كثيرا ممن يعرفون الشيخ محمد النيسبوري عرفوه متكفلا بفروض الكفايات ، متطوعا بتكفين و غسل الأموات ، وكان خبيرا بتفاصيل مايصنع في ذلك على طريقة السادة المالكية ،


وقد كان هذا الشيخ أيضا مع كل ذلك حاضرا في عالم الأحياء طريفا نسابة مؤرخا .

و شاء الله أن يكون آخر لقاء لي مع هذا الشيخ ليلة عيد الأضحى الماضي عندما عدته .و في شدة مرض آثاره بادية عليه ــــ وحينما تذاكرنا فضل أيام النحر استنشدنا ــــــ وكان لا يرى غضاضة في إنشاد الأشعار أو الأنظام التي فيها غزل ــــ ولو مع من هم أصغر منه سنا، قول امحمد بن أحمد يوره :

عيد الأضاحي يومه معلوم وغير معدود وذا معلوم

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

وقبل يوم نحرنا يومان ياصاح معدودان معلوما ن

ورابع النحر فقط معدود وغير معلوم وذا معدود

فأنشدته إياه ، وأخطأت في بعض العبارات ، فكان يقوم لي ما أخطأت فيه منه

وعندما وصلت قوله :

“نظمت ذا ضحوة يوم العيد قبل خروج الغيد والعبيد ”

ضحك وعلق بأن “امحمد “وأهل بيئته تعودوا الطرف في أنظامهم ، ولو كانت في الفقه أو التفسير.

وأخذ يذكر فضل جدتنا آمنة بنت يوسف فروى لي عن عمه راويا قوله : إنها مازا رها عالم إلا واستفاد منها علما إلى آخر ذلك مما دار في ذلك اللقاء العذب الذي ليس هذا الوقت محلا لنشر تفاصيله .

فقد كان محبا لذرية الصالحة آمنة بنت يوسف رغم أنه لا تصله بها رابطة نسب غير تلمذة أبيه وعمه عليها . لعلمها وصلاحها

ومرة قمت مع هذا الشيخ صحبة بعض الأقارب بزيارة قبرالعلامة غالي بن المختار فال البوصاد ي بتاتيلت ، فاستنشد الشيخ الحاضرين نظم العلامة غالي لأمهات المومنين فلم يجد من يستحضره فأنشده هو قائلا :

قال أسير ذنبه المعترف لربه بكل مايقترف

من ضيع العمر في الاشتغال عن العلى وهو عبيد غال

……

كان الشيخ يكره الجهل وكان كثيرا ما ينشد:

لحى الله الغباوة لاتواتي وأحرى للغطارفة السراة

تلك القصيدة على طولها وسخرية صاحبها ممن وسمهم بالغباوة

كان الشيخ محبا لأهل العلم ورغم حفظه للأشعار والأنطام المحظرية ، فلم يمنعه ذلك من الخروج مع جماعة الدعوة والتبليغ التي تعود في العامين الأخيرين من حياته على الأقل الخروج معها لتعليم الناس الخير وتذكيرهم وامتثالا لقوله تعالى :” وذكر فإن الذكرى تنفع المومنين .” لقد فقدت حاضرة “برجيمات” بإنشيري علما من اعلامها ،وشهما مضيئا في أحلك أيامها ، ولكن أخوي الشيخ وأبناءه سيكونون في الموعد لذوي الحاجات الفكرية والمادية بحول الله تعالى .

وممايؤسفني يا محمد النيسابوري أنني لم أحضر جنازتك لوجودي في المغرب ولو حضرت لحاولت مكافأتك على ما كنت تصنع بأموات المسلمين ،ومن إغاثة ملهوفهم ، وإعانة متعلمهم فنسأل الله أن يتقبل منك ذلك الرحمة والفردوس الأعلى من الجنة وأن يجعل في أهلك خير خلف لخير سلف ، وإنا بفراقك لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي الرب .وإنا لله وإنا إليه راجعون

عبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر أكادير أيت ملول المزار يوم 2، محرم 1434من هجرة سيد الأولين والآخرين ،محمد صلى الله عليه وسلم .

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى