الحنين إلى ايام الثراء..

اختفت من الشارع الموريتاني مظاهر الثراء السريع التي كانت مرتبطة بالفساد الإداري والمالي الذي ميز أنظمة سابقة في موريتانيا وابتلع كل الواهمين أحلامهم بركوب موجة نظام آخر يكون بديلا لما خسروه.

لم تعد الإدارة في موريتانيا بقرة تدر المال على موظفيها من خلال الصفقات المشبوهة والرشى التي يتلقاها كبار الموظفين بطرق وأساليب الجميع يعرف طريقتها وآليتها وما درته على أصحابها من أموال فلكية ولعل اخطر ما تنبه اليه النظام الحالي قضاؤه على ملحقات الاتفاقيات التي كانت تكلف الدولة عبئا ماليا ثقيلا.

لقد كانت هناك قطاعات في الدولة اشبه ما تكون ببرص للبيع والشراء والربح السريع بسبب ارتباطها بخدمات الناس ومصالحهم .

لقد جفف نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز -حقيقة بدون منازع- كل منابع الفساد وقضى على رموزه وأباطرته وشن حربا ضروسا منذ اللحظات الأولى على هذا الداء القاتل الذي كان ينخر جسم الدولة والمجتمع الشيء الذي جعل الدولة تصحح مسار خطابها التوجيهي وتقود حملات إعلامية وسياسية ضد كل مظاهر الثراء السريع والكسب غير المشروع الذي برع فيه كبار القادة والساسة وسماسرتهم صغارا وكبارا في عهد الرئيس ولد الطايع واشتدت حدته في عهد المرحلة الانتقالية التي قادها الرئيس العقيد اعل ولد فال بمفدره.

لم يرتبط الفساد في تلك المراحل التاريخية المظلمة بسرقة الأموال بطرق مكشوفة وفاضحة بل بالمزايا والمنح السخية لرجال الأعمال، وبعض الخصوصيين من اصحاب البطانة من خلال صفقات التراضي التي تسبب الافلاس للدولة وتجهض مشاريع التنمية والبناء الوطني على المدى البعيد والمتوسط.

يعرف الكثيرون معاناة الشعب في تلك الحقب عندما تكاثرت الفلل والسيارات الفارهة وتباهى اللصوص بسرقاتهم في وضح النهار فيما تضاعفت معاناة الشعب وانتشر الفقر والحرمان الى أقصى الحدود.

لقد فقدت طبقات مالية وتجارية وطفيليات مصلحية كل مصالحها وخسرت الكثير من امتيازاتها عندما أغلقت الدولة في وجهها كل المنافذ إلى الفساد والاستحواذ على أموال الدولة بطرق غاية في الخطورة .

لقد اصبح الجميع ملزما بدفع الضرائب والالتزام بحقوق الدولة ومصالح الحق العام عكسا لما كان عليه الحال في العهود السابقة.

لذا ليس غريبا في ظل هذه الوضعية أن توجه التهم جزافا إلى النظام الحالي وان يُرمى بالتهمة ذاتها التي حاربها وقضى عليها والغريب ان تكون التهمة موجهة من نخبة خسرت كل مصالحها وفشلت في استعادة مكاسبها التي خسرتها في عهد الاصلاح والتنمية والبناء الوطني.

محمد ولد باب ولد انقية

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى