الحرب على الفساد : الأقربون أولى بـ”المعروف”

رفع ولد عبد العزيز بعيد وصوله إلى السلطة إثر انقلاب عسكري أطاح بولد الشيخ عبد الله شعار محاربة الفساد الإداري والمالي متعهدا بإعادة توزيع ثورة الدولة على الفقراء الأكثر احتياجا، وزار كبادرة لحسن النية أكثر الأحياء الشعبية فقرا، وتعهد بتخطيط القطع الأرضية على من فيها من المواطنين..


في نفس الإطار دائما قامت السلطات الأمنية والقضائية باعتقال عدد من كبار المسؤولين في الدولة بحجج محاربة الفساد (الخطوط الجوية) و(برنامج التدخل السريع)، وقد وجد هؤلاء المسؤولون طريقهم إلى الحرية بعد اعتقال دام عدة اشهر.. وخلال آخر مهرجان شعبي ينظمه في العاصمة نواكشوط كشف ولد عبد العزيز عن ما قال إنها وثائق تدين عددا من المرشحين والمتعاونين معهم في اختلاس ممتلكات الدولة، آخذا على نفسه العهد بكشف المزيد من الأدلة والبراهين على تورط كبار السياسيين ومن والاهم.. وتحدث البعض عن لقاء جمع ولد عبد العزيز بعد فوزه في الانتخابات بعدد من منافسيه، وأخبرهم بنيته طي صفحة الماضي وما حوته..

التعاطف الشعبي

خطاب ولد عبد العزيز كان له الدور البارز في رفع مستوى التعاطف والتأييد الشعبي الذي قوبل به في كل نقطة من البلاد قبل وأثناء الحملة الانتخابية، وقد وجدت الشعارات التي رفعها ولد عبد العزيز صدى طيبا في نفوس الآلاف، ولامست وجدان سكان القرى والأرياف، وربما وجد فيها العشرات من صغار الموظفين، ما يشفي غليل صدورهم الممتلئة حنقا على الوضع السياسي والاقتصادي، وبيروقراطية الإدارة، وسيادة المحسوبية والجهوية والقبيلة، خاصة وأن عددا لا بأس به من “رؤسائهم” في العمل ما كان لهم أن يتبؤوا هذه المنزلة لو أن معايير موضوعية ونزيهة وضعت للترقية.. وقس على ذالك معاناة المرضى أمام المستشفيات، وطوابير المراجعين للمكاتب الإدارية، وجيوش المتسولين التي تعج بها الشوارع والسوح العامة، وهي مظاهر تعكس الوجه الكالح لليبرالية غير المقننة، والفساد المستشري في شرايين الدولة ومفاصلها الحيوية..

الأقربون أولى

طبيعي أن من يحمل شعار التغيير إلى الأفضل، سيجد متسعا في قلوب المستضعفين عامة، وطبيعي أن من يحارب الفساد لن يعوزه الدعم غير المشروط، وطبيعي أن من يراهن على الشعب لن يخسر الرهان.. لكن الطبيعي أيضا أن عديد الأسئلة تبقى مشرعة ومشروعة في وجه هذه الحملة التي تلقى دعم الجميع ومباركته، أولى هذه الأسئلة يتمحور حول أبعاد الحملة ومدى شموليتها، ونجاعتها.. وهنا يتساءل العديد من المواطنين عن الأسس التي على أساسها يتم استهداف البعض دون الآخر.. صحيح أن من يختلس طبشورا واحدا يستحق التعزيز، والتجريد من الوظيفة، والتشهير به أيضا، ما في ذالك شك، ولا أحد يمانع فيه. لكن الأصح أن نعمد معا إلى مساءلة بعض الرؤوس الكبيرة- وليس هذا تشهيرا بأحد وإنما هو تساؤل مشروع- التي ما زالت تعلك ثروة هذا المجتمع التي نهبتها منذ سنين مضت، فمن يحمل لواء الإصلاح ينبغي أن لايترك خطا للرجعة، ومن هو في منزلة الرئيس يملك من الوسائل والمقومات ما يخوله المضي قدما في هذا الطريق.. وليعذرنا البعض إن أوردنا أسماءهم وصفاتهم هنا، كاشخاص عموميين ينبغي أن تطالهم المساءلة، وأن تمتد إليهم يد سلطة الاتهام التي هي حق ثابت للأجهزة القضائية، وهم يسورون القصر الرمادي، ويحتمون بمن فيه، وأول هؤلاء:

aaa.jpgلمرابط سيدي محمود ولد الشيخ أحمد، المكلف بمهمة في الرئاسة، هذا الرجل الذي كان مهندس “حملة الكتاب والمعرفة” وكان رأس الحربة في الحرب على الإسلاميين، ومهندس تيار المستقلين في العهد الانتقالي وأول الداعين لحزب الرئيس، هذا الرجل كتبت عنه صحيفة أخبار نواكشوط في السنوات الأخيرة من حكم ولد الطائع، أن لديه عددا هائلا من سيارات الدولة موزعا على مواقف في مفوضية الأمن الغذائي، وإدارة الإطفاء، وهو يلقب بـ”ابن تمبدغة المدلل”.

a.jpgشياخ ولد اعل: مدير ديوان رئيس الجمهورية، خلال الفترة الماضية والحالية، وإذا كان ولد الشيخ عبد الله ضالعا في الفساد فلن يكون مدير ديوانه بريئا بأي حال، والرجل واحد من أساطين نظام ولد الطائع، وله تجربة طويلة وغير مشرفة مع سياسات الحزب الجمهوري ووزارة الإعلام..

aaaa-2.jpg شيخ العافية : السفير الموريتاني في المغرب، وزير خارجية ولد الشيخ عبد الله، ووزير ولد الطائع الأول، وحبيبه المحبوب، ورائد التطبيع مع الصهاينة، يقول عنه معارضوه إنه اشترى آلاف الأمتار من السياج، وضربه حوله المراعي في مقاطعة عدل بكرو، جاعلا منها مزارع خاصة لماشيته، التي ترتوي من الآبار الارتوازية المحصنة بالسياج والحراسات، فيما يضطر المئات من سكان المنطقة إلى جلب المياه من مسافات بعيدة، وعلى ظهرو الحمير، ويقال إن الرجل ضالع في ملفات أكثر تعقيدا في عهد وولد الطائع..

هؤلاء الأقربون إلى القصر وغيرهم من المسؤولين والسفراء وقادة الأحزاب السياسية وحتى الصحفيين، ممن يضيق المقام عن حصرهم هنا، وتحوم حولهم شبهات عديدة، ينتظر الشارع بصبر مساءلتهم قانونيا، وتوجيه الاتهام إليهم عل ذلك يضفي على حملة مكافحة الفساد طابعا أكثر جدية..

نواكشوط، 12 نوفمبر 2009

المصدر : اليديل الثالث

www.elbadil.info/spip.php?article1482

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى