مايو…”الفاتح” سيعود..!!

أهذا أنت أيها الفاتح مايو؟..أهذه ملامحك يا “عيد العمال”؟

شاحب أنت.. بائس هزيل، تتعثر في خطواتك..بربك لماذا أنت هكذا ياحبيبنا..؟!!

أحقا سرقوك؟..أين حقيبتك؟ أين عرقنا والدماء..؟!!

أين نضالنا وتعبنا..؟!!..أين تركت حريتنا ياسيدى..؟!!

تعود إلينا هذا العام على غير عادتك، مهزوما منكسرا، محني الظهر

قل لنا أيها “الفاتح” أين فرسك..سيفك..نضارتك..؟!!

أين غمامة العرق التي كانت تسير بسيرك، و تتوقف بتوقفك..؟!!

مالك تعود غريبا منهكا على غير العادة..أأنت (المغيري الذي كان يذكر)..؟!!

لابد أن قطاع الطرق اعترضوك..!! واضح من ملامحك أنك تعرضت للعنف والاغتصاب و”الإكراه البدني” والمصادرة التاريخية..!!

نعم لقد سيسوك أيها “الفاتح” الجميل.. وسلبوك عفوية النضال، وعرق العمال وصراخهم..سلبوك أحذية الكادحين وملابسهم القذرة، وأفرغوك من محتواك ..

أنت قادم اليوم من مكاتب السياسيين، وليس من ساحات “الوغى”، ودروب الغبار، والسموم، والضجيج، والموت الزؤام، والعرق والبؤس التي ولدت فيها أول مرة ذات معاناة..!! ويوم أن تمثلت لعمال العالم شمس حرية، وكهف حنان، ومشجبا للألم، ومنديلا لمسح حبات العرق، وسريرا لراحة الظهور التي كانت ترفض الانحناء، وضمادا لجراحات عمرها عمر الزمن..!!

ليس هذا أنت أيها “الفاتح” ..لقد دجنوك، ومسخوك، وسلخوك..!!

لقد سلبوك حقيبة الظهر التي حملتها أول أمرك جمرا،وغبارا، وحبالا، وعرقا، ورمالا، وحديدا، وضجيجا، ومرضا، وحجارة..!!

شوهوا وجهك الجميل، وغسلوا تاريخك بدموع التماسيح، وليس بعرق الكادحين الذي به كتب تاريخك الحق، وعبد دربك السرمدي نحو الحرية..!!

أين قبعات العمال، وشاراتهم،وشعاراتهم، والجلبة الحنون لصفوفهم المهيبة، وهم يعانقون شمسك كما يعانق الطفل العائد من الغربة والبعد حضن أمه الدافئ، وكما يعانق العصفور القادم من ضفاف الجليد شطآن الدفئ والشمس..؟!!
هذا ليس أنت، وهذه ليست شمسك الدافئة..؟!!

فمن الذي تغير..؟ أنت أم نحن؟..!! وما الذي تغير التاريخ أم القيم..؟!!

وهل أصبحنا – معك – خارج الصورة والنص والسياق في عالم ظالم أهله..؟!!

إنك لم تعد على ما يرام..!! فإما أنك الغريب، أواننا الغرباء..!!

ما عدنا نعرفك .. أنت أيضا ما عدت تعرفنا..لقد أضاعك قطاع الطرق عندما سطوا عليك، ففقأوا – بالتسييس والتدجين و”السخرة” – عينيك اللتين بهما كان كل عمال العالم يرون دربهم، وحلمهم، وشمسهم، وخبزهم، و”مرهم” الألم الذي يبقى ظهورهم عصية على الانحناء..!!

لقد شردوك يا سيدي، ونهبوا حقيبتك، فلا منجل معك اليوم، ولا قبعة، ولا سنبلة، ولا حذاء يتم تلميعه بالدم والعرق، عكسا لأحذية الساسة، والسلاطين، والسماسرة، وأساطين “السخرة”..!!

ما عاد وجهك أليفا كما كان..استأصلوا منك غدة الطهارة النقابية..وسحبوا من أوردتك دماء الحرية..وأوقفوا فيك نمو غدد الرفض والشرعية..كتموا صوتك، وجردوك من نقائك وعفويتك..!!

ما عدنا نعرفك أيها “الفاتح” فعد من حيث أتيت، فلا السائرون اليوم تحت شمسك عمال ولا كادحون، ما هذه حناجرهم المرهقة، ولا سواعدهم الكسيحة، ولا ملامحهم البائسة..ما هذه مطالبهم، ولا هؤلاء ممثلوهم..!!
هذه الجوقة – التي تسير تحت شمسك اليوم وتصرخ مكاء وتصدية، وترقص كما شياطين الفلوات – ليست أكثر من جوقة مرابين سماسرة، وباعة مواقف سياسية..!!

شعاراتك اليوم مسيسة…كلماتك وخطاباتك تكتب اليوم بأقلام “رصاص” الساسة والتجار، وأباطرة “السخرة”، وليس بدمنا ولا بعرقنا ولا بمعاناتنا..!!

سيدي “الفاتح” اصرخ في وجوههم..انتفض…قل لهم إنك حي ترزق، وأن الذين صنعوك ذات عرق، لم يفرطوا فيك، ولم يخلقوك لتكون هكذا، خديجا، ضعيفا، مرتعشا، خائفا، تحت أقدام الساسة والمنافقين، وباعة العرق، والغبار والدماء..!!

قل لهم إنك الفاتح مايو..قل لهم إنك حلم الشغيلة، وعرقها، ودموعها، ومعاناتها.

قل لهم يا سيدي أنك ستظل تصرخ فيهم بأن عمال العالم عليهم أن يتحدوا، فبعرقهم كان العالم، وعلى دمائهم قامت كل الحضارات، وبمعاناتهم تأخذ الشمس مبرر شروقها،ويولد الفجر..!!

سيدي دعنا نضع رؤوسنا المثقلة بالهموم في حضنك الدافئ..دعنا نسند ظهورنا المحنية إلى قامتك الفارعة، بنا حنين إليك..لك منا وحشة، وبيننا ألفة لا تهزها قوارع الزمن..!!

بنا ستنتصر على كل قطاع الطرق..وبك سنزرع مع كل شمس جديدة مساحة أمل..!!

نحن سنظل نحبك..إنهم لن يجعلوك غريبا أبدا،وأبدا لن يصادروك لا من قلوبنا، ولا من عقولنا، ولا من أحلامنا المسورة بالجراح والفاقة والمحاق، فذات شمس قادمة ستعود – كما كنت – حقيبة حبال، وصخر، ورمال، وسنابل، وعرق، ومنجل، وضجيج لا ينقطع..!!

ستعود كما كنت فاتحا..وسيعود صهيل فرسك قويا يتردد مهيبا في ساحات العرق والدم والدموع، وحيث لا تجارة، ولا إقطاع، ولا نفاق، ولا “سخرة”، ولا غرف مظلمة لصناعة قذارة الانتهازية السياسية، وتشويه الطهارة النقابية..!!

حرية كنت وصوتا ومطالب وجلبة…وفاتحا ستعود كما كنت، وكما نعرفك، ونراك، ونؤمن بك، لاكما يريدك مصاصوا الدماء، وقطاع الطرق..!!

سيدي ستعود، ونحن في انتظارك بقبعات مرفوعة، نرفض غيرك، ولا نريدك إلا كما كنت، وكما يجب أن تكون..!!

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى