عيد الأضحى في موريتانيا: أضاحي وملابس للأطفال والنساء

نواكشوط – د ب أ – يقف عبد الله ولد أحمد “63 عاما” حائرا من أمره أمام أحد أكبر مصارف العاصمة الموريتانية نواكشوط يقع بمحاذاة سوق العاصمة المركزي حيث يختلط الباعة بالمتسوقين في مشهد لا يقع إلا مع كل عيد أضحى.

ينظر عبد الله بمرارة إلى واقع يحز في نفسه : خروج العشرات من أرباب الأسر من البنك باتجاه السوق أحيانا رفقة الأولاد وأحيانا رفقة الزوجة في عملية لا يزيدها تعقيدا إلا حين يحاول المرء عد النقود التي ستخصم من راتبه أو من مقدم راتبه ليشتري منها “كبش العيد” . معاناة هذا الرجل

الذي فقد عمله بسبب فصل ” تعسفي جماعي” للعمال ما تفتأ تزداد عندما يزيد ضغط الأطفال وبكاؤهم من اجل الحصول على ” حلة العيد الزاهية” أسوة بأبناء الحي والجيران.

واقع هذا الرجل يعكس حالة من اليأس والعجز يواجهها عدد كبير من الأسر الموريتانية مع اقتراب كل عيد أضحى. عيد الأضحى يختلف هذا العام عن سابقيه حيث تبدو للوهلة الأولى – بسبب موسم الأمطار الجيد- أسعار الأضاحي في المتناول. سعر الأضحية الواحدة يتراوح هذا العام على الأقل على بعد نحو أسبوعين من يوم العيد بين 80 و 100 دولار في حين تجاوز العام الماضي حاجز الـ 140 دولارا. الموريتانيون يرجعون هذا الانخفاض إلى عوامل منها رفض السلطات الموريتانية السماح لتجار المواشي بتصديرها إلى دول إفريقيا المجاورة خاصة السنغال كما هو الحال كل عيد أضحى لكن بعض السكان يخشون من أن تشهد أسعار الأضاحي ارتفاعا كلما اقترب العيد وكلما اتضح أن موسم الأمطار الجيد قد ساهم في زيادة نمو وضخامة الأضاحي هذا العام مقارنة بمواسم الجفاف السابقة.

الأسواق في نواكشوط مكتظة بالمواشي حتى أن عرضها طال الشوارع العامة والمساحات الكبرى في العاصمة .

أما الملابس فلم تسلم هي الأخرى من الغلاء فقد شهدت ارتفاعا وصفه البعض بـ “الجنوني” حيث أن إقبال الأطفال الكبير عليها زاد من أسعارها وجعلها خارج المتناول. في كل مرة يحاول المرء التكيف مع متطلبات العيد

والاستجابة للمطالب الملحة لأفراد الأسرة وللأهل والأقارب لكن ضيق ذات اليد وشح الموارد وتدني القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار كلها عوامل

حالت دون اجتياز هذه الأزمة المالية التي تفاقمت بفعل عوامل خارجية أبرزها الأزمة المالية العالمية وتوقف تدفق التمويلات على موريتانيا منذ العام الماضي اثر تعليق المساعدات المالية نتيجة الانقلاب العسكري الذي وقع في السادس من أغسطس 2008 . أضف إلى ذلك تراجع أسعار النفط مع تدني الإنتاج حيث لم يتجاوز 11 برميلا في اليوم من النفط الخام.

وأيا كانت الصعوبات فإن العيد ها هنا ماثل الكل ينتظره بفارغ الصبر ولكن العيد يبقى كذلك مناسبة لتبادل الزيارات والتحايا وزيارة المرضى والأهل والأقارب حيث يعمد المواطنون إلى زيارة الأحبة لطلب الصفح وطي صفحة الخلافات بالنسبة للبعض وتجاوز الماضي ورأب الصدع.

العيد يكون أيضا فرصة لإحياء عادات تليدة مهددة بالانقراض منها التصدق ومساعدة المحتاجين والمعوزين والفقراء .
هنا تقوم معظم الأسر الموريتانية بتوزيع لحوم الأضحية على الجيران الذين لم يستطيعوا شراء أضحية العيد. هذه العادة ما تزال قائمة في المدن الموريتانية منذ نشأتها حيث يجري توزيع اللحوم في عادة تسمى ” السهم” على أقرب الجيران الذين لم يتمكنوا من شراء ” كبش العيد” في بادرة متبادلة تجعلك تحس بالمسئولية تجاه جيرانك وأقرانك الذين رأيت بأم عينك أنهم لم يشتروا أضحية لضيق ذات اليد أحيانا أو لغياب رب البيت أحيانا أخرى أو لتأخر الراتب.