نصائح للحد من مخاطر “الأسبيرين” وسط جدل حول منافعه وأضراره

لايزال عقار الأسبيرين الذي يمنح منه الأطباء حول العالم ملايين الوصفات والجرعات الخفيفة للأصحاء والمرضى على حد سواء، محل جدال وتقييم بين مراكز الأبحاث المختلفة عما إذا كانت منافعه تفوق أضراره.
ويعد الأسبيرين، وهو عقار مخفف للألم، علاجاً وقائياً جيداً لأنه يعوق تخثر، فهو يوقف نشاط إنزيمين مسؤولين عن التهابات الشرايين, ما يجعل صفائح الدم شائكة وهو ما يسهل التصاقها مكونة جلطة.
ولكن الأسبيرين يُعد دواء خطيراً أيضاً لأنه يوقف الإشارات التي تنشط نظام التخثر, فأي نزيف بسيط في إحدى المناطق الحساسة مثل المعدة او الدماغ قد يكون كارثياً.
وبحسب الإحصاءات البريطانية يدخل المستشفى سنوياً قرابة 5000 مريض يعانون نزيفاً داخلياً سببه تناولهم أسبيرين كعلاج وقائي.
ونظراً لتلك المخاطر الكامنة في الدواء هناك نصائح تحدد من يمكنهم تعاطي الدواء دون مشاكل، ومنهم المصابون فعلاً بأحد أمراض الأوعية الدموية، الذين يمكنهم الاستفادة من جرعة أسبيرين يومية وذلك وفق إرشادات الطبيب الذي يكون على دراية بالأدوية الأخرى التي يتناولونها، وكذلك الأشخاص الذين يزيد عندهم خطر الإصابة بسرطان الأمعاء مرتين ونصف المرة مقارنة بالسكان عامة.
وتتجه الهيئات الطبية الرسمية في أغلب الدول حالياً إلى التحذير من وصف الأسبرين للأصحاء كعلاج وقائي.
ولكن هذا الاتجاه لم يصبح شاملاً بعد، وهو ما يترك نسبة كبيرة من الناس في حيرة، فجمعية ضغط الدم المرتفع البريطانية مثلاً, تنصح الأشخاص الذين يرتفع عندهم خطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية إلى 20% بتناول أسبيرين يومياً. وعليه تمّ في بريطانيا وحدها تحرير 16 مليون وصفة أسبرين في الأشهر الستة الأولى من هذا العام.
- تناول الأسبرين يومياً يزيد خطورة فقدان الرؤية
ذكرت دراسة هولندية أن البالغين الذين يتناولون الأسبرين بشكل يومي تزيد عندهم بمقدار الضعف احتمالات الإصابة بما يسمى بـ”التنكس البقعي” وهو فقدان للبصر مرتبط بالسن وذلك مقارنة بالأشخاص الذين لا يعتمدون نهائياً على هذا المسكن.
وجمع باحثون بقيادة بولوس دي جونج في معهد هولندا لعلم الأعصاب والمركز الطبي الأكاديمي معلومات عن صحة وأنماط حياة أكثر من 4700 شخص فوق سن 65 عاما، وشملت الدراسة بالغين من النرويج وأستونيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان وإسبانيا.
واستنتجت الدراسة أن من بين 839 شخصاً يتناولون الأسبرين بشكل يومي، أصيب 36 منهم بشكل متقدم بمرض يطلق عليه التنكس البقعي الرطب أو نحو 4 من كل 100 يعتمدون على العقار يوميا، وبالمقارنة بذلك أصيب نحو 2 من كل 100 لا يتناولون الأسبرين بشكل متكرر بنفس النوع من التنكس البقعي.
ولم تظهر الدراسة أن الأسبرين يسبب فقدان البصر ولكنها مثيرة للقلق إذا ما أدى الأسبيرين بطريقة أو بأخرى إلى تفاقم في خلل العين بالنظر لعدد البالغين الذين يعتمدون عليه بشكل يومي لمكافحة أمراض القلب، وفقاً لوكالة “رويترز” اليوم الاثنين.
وقال وليام كريستن من جامعة بريجام ومستشفى السيدات في بوسطن الذي لم يشارك في الدراسة: “بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من تنكس بقعي مرتبط بالسن ليس من الحكمة على الأرجح التوصية باستخدام الأسبرين”.
ويؤدي النوع المصحوب بالرطوبة في المرض والذي ينتج عن تسرب أوعية دموية في العينين إلى فقدان الرؤية في منتصف مجال الرؤية داخل العين، والنوع الجانب أكثر شيوعاً وأقل خطراً رغم أن المصابين به يعانون أيضاً من خلل في الرؤية.
ويشكل النوعان الرطب والجاف من التنكس البقعي السببين الرئيسيين لفقدان الرؤية بين البالغين فوق 60 عاماً الذي يصيب الملايين في الولايات المتحدة.
ووجد الباحثون أن استخدام الأسبرين ليس مرتبطا بالنوع الجاف ولا حتى بالمراحل المبكرة من المرض.
وأضاف كريستن: “لا أعتقد أن ذلك مدهش، أعتقد أن آثار الأسبرين قد تكون مختلفة في المراحل المبكرة من التنكس البقعي المرتبط بالسن أكثر من المراحل المتأخرة”.
وبيَّن دي جونج أن فريقه قام بتحليل دقيق قدر الإمكان عما إذا كان مرض القلب قد أثر على النتائج وأنه وجد أن مستخدمي الأسبرين بصرف النظر عن صحتهم القلبية معرضون لخطر الإصابة بالنوع الأشد خطورة من فقدان الرؤية، وقال إنه بالنسبة للمصابين بأمراض القلب الذين يتعاطون العقار للحفاظ على أوضاعهم الصحية من التدهور فإن فوائد الأسبرين تضاهي مخاطره على صحة العينين.
وأوضح دي جونج أيضا أن وجود دراسات أوسع تتابع أشخاصا مع مرور الوقت وتسجل استخدامهم للأسبرين وحالاتهم البصرية ستساهم في حل دور الأسبرين في التنكس البقعي.
- جرعات “الأسبرين” المنخفضة تقلل الإصابة بسرطان القولون
قال باحثون بريطانيون الخميس 21-10-2010 إن الجرعات المنخفضة من “الأسبرين” التي يتم تعاطيها لتقليل مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية والجلطات الدماغية قد تقلل أيضاً من مخاطر الإصابة بسرطان القولون.
واكتشف الباحثون أن “الأسبرين” يقلل عدد حالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بواقع الربع، ويخفض وفيات سرطان القولون بواقع الثلث.
وذكر الباحثون أن اكتشافهم قد يرجح كفة الميزان لصالح استخدام “الأسبرين” للوقاية من الإصابة بسرطان القولون، الذي يحل ثانياً في قائمة أكثر أنواع السرطانات شيوعاً في البلدان النامية بعد سرطان الرئة، لكن بحثهم الذي نشر في دورية “لانست” الطبية قد لا يتمكن من تسوية مسألة يراها الأطباء مثيرة للجدل.
وأظهرت العديد من الدراسات أن الذين يأخذون جرعات كبيرة من “الأسبرين” أقل عرضة للإصابة بسرطان القولون ونمو أورام حميدة يمكن أن تتطور إلى سرطان، لكن “الأسبرين” نفسه يمكن أن يشكل خطورة على العديد من الأشخاص، حيث يتسبب في بعض الأحيان في نزيف مميت بالمعدة والأمعاء.
ودرس بيتر روثويل من مستشفى جون رادكليف في أوكسفورد وزملاؤه أربع دراسات كبيرة شملت 14 ألف شخص نصفهم أخذ جرعات منخفضة من “الأسبرين” للوقاية من الأزمات القلبية.
وعلى مدار 18 عاماً تقريباً أصيب 2.8% من المتطوعين بسرطان القولون، وخفض “الأسبرين” مخاطر الإصابة بسرطان القولون على مدار 20 عاماً بنسبة 24%، وخفض أيضاً مخاطر وفاة المريض بسرطان القولون بنسبة 35%.
- تناول جرعة يومية من الأسبرين يقلل مخاطر الوفاة بالسرطان
أكدت دراسة بريطانية أن تناول جرعة يومية من الأسبرين يخفض خطر الوفاة بالعديد من الأمراض السرطانية.
وقام معدو الدراسة التي نشرت الثلاثاء 7-12-2010 في مجلة “زي لانسيت” البريطانية المتخصصة بتحليل ثمان دراسات استخدم فيها الأسبرين في الأصل
ضد أمراض الدورة الدموية للقلب.
وتبين للباحثين تحت إشراف بيتر روثويل من جامعة أوكسفورد أن نسبة الوفاة بسبب أمراض السرطان كانت أقل بنحو الثلث بين المرضى الذين تناولوا الأسبرين.
وقال الباحثون إن دراستهم برهنت ولأول مرة على أن الأسبرين يخفض خطر سلسلة من الأنواع المميتة للسرطان.
وكانت دراسات سابقة قد أثبتت أن مادة أستيل سالسيك الفعالة في الأسبرين تخفض خطر الإصابة بسرطان الأمعاء الذي قد يفضي إلى الموت.
وقام روثويل وزملاؤه بتحليل ثمان دراسات شارك فيها إجمالا 25570 مريضا وتناول منهم 14035 الأسبرين من بينهم 327 مريضا كانوا مصابين بأمراض
سرطانية قاتلة أي ما يعادل 2،3% من المرضى.
وتوفي 347 مريضا من إجمالي 11535 مريضا لم يتعاطوا الأسبرين بشكل مستمر، أي 3% من المرضى.
ووجد الباحثون بين المرضى الذين خضعوا للمتابعة الفردية بعد خمس سنوات على الأقل خطرا قليلا للإصابة بالسرطان خاصة لدى المرضى المصابين بأورام
خبيثة.
وقال الباحثون في دراستهم:”هذه النتائج تقدم أول دليل لدى الإنسان على أن الأسبرين يخفض خطر الوفاة بمختلف أنواع السرطان.. ولكن هذه النتائج لا تعني أن على جميع البالغين أن يبدأوا فورا في تناول الأسبرين حيث يمكن أن يؤدي الأسبرين إلى عدة حالات خطيرة من النزيف خاصة في منطقة المعدة والأمعاء”.
وأشار روثويل إلى ضرورة دراسة فائدة مادة أستيل سالسيك من جديد وقال إن الباحثين وجدوا أن فائدة هذه المادة الرخيصة أكبر من بعض البرامج الوقائية من السرطان مثل أشعة سرطان الثدي.
وأثنى مركز أبحاث السرطان الألماني في مدينة هايدلبرج على الدراسة وقالت كارين موللر ديكر من المركز إن الدراسة جيدة جدا ومطابقة للمعايير العلمية وأشارت إلى أن هناك العديد من الآليات التي يمكن أن تكون السبب وراء هذه الفعالية الكبيرة لمادة أستيل سالسيك حيث أن الأسبرين يثبط إنزيما ينتج المواد المحفزة للنمو في الجسم وأن تجارب متعددة أوضحت أن الأسبرين كابح لنمو الأورام.
ولكن الباحثة الألمانية شددت على ضرورة استشارة الطبيب قبل استخدام الأسبرين بشكل دائم كعلاج منتظم وأكدت أن الأسبرين يمكن أن تكون له مضاعفات وأن هناك فروقا فردية في هذه المضاعفات مضيفة: “من يتعاطى الأسبرين يوميا بدون إشراف طبي يقدم على مخاطرة كبيرة”.
- التوقف المفاجئ عن تناول الأسبرين قد يؤدي للإصابة بأزمة قلبية
حذّرت دراسة حديثة مرضى القلب الذين يتوقفون عن تناول الجرعة اليومية الصغيرة من الأسبرين من زيادة مخاطر أعلى للإصابة بالأزمات القلبية.
وفي هذه الدراسة، قام الباحثون بتجميع بيانات عن أكثر من 39,500 مريض في أعمار تتراوح بين 50 إلى 84 سنة ممن شاركوا في شبكة تحسين الصحة التي تمثل قاعدة بيانات كبيرة للتقارير الطبية في المملكة المتحدة.
وبين عامي 2000 و2007، تم وصف جرعة صغيرة من الأسبرين للمرضى تتراوح بين 75 و 300 مليغرام لليوم لتجنب الأزمات القلبية والمشاكل الأخرى التي تصيب مرضى القلب.
ووجد فريق البحث خلال 3 سنوات من المتابعة أن المرضى الذين توقفوا عن تناول الأسبرين تعرضوا لأزمات قلبية غير حادة بنسبة تصل لـ60% أكثر من المرضى الآخرين الذين لم يتوقفوا عن تناول الأسبرين، وثبت صحة هذه النتائج بصرف النظر عن الفترة التي ظل المرضى يتناولون فيها الأسبرين قبل توقفهم عن تناوله.
وأوصى الأطباء المرضى بتناول جرعة يومية صغيرة من الأسبرين تتراوح بين 75 و300 مليغرام للمساعدة في تجنب تكون الجلطات في مرضى القلب، إلا أن ما يقرب من 50% من المرضى يتوقفون فجأة عن تناول الأسبرين مما قد يعرضهم لمشاكل القلب المختلفة.
وأكد كاتب الدراسة ومدير المركز الإسباني للبحوث الدوائية والأمراض المعدية بمدريد الدكتور لويس جارسيا رودريجز أن مخاطر الأزمات القلبية تتزايد عندما يتوقف المريض عن تناول هذه الجرعة الصغيرة من الأسبرين، لهذا يجب تنبيه المرضى أنه إذا لم يكن هناك مخاطر من النزيف أو أي مشاكل صحية أخرى فيجب عدم إيقاف الأسبرين لفوائده الكبيرة، وأضاف: “يجب على المرضى الذين يوقفون تناول الأسبرين لأسباب صحية أن يكون ذلك لفترة بسيطة ولضرورة قصوى”.
وصرح رودريجز قائلاً: “هذه الدراسة تؤكد ضرورة زيادة الوعي بمخاطر الأزمات القلبية التي ترتبط بإيقاف علاج الأسبرين، إذا كان الالتزام بجرعة صغيرة من الأسبرين يمكن أن تتحسن فإن الفائدة المترتبة عن هذه الجرعة في عموم الشعب سوف تتزايد”.
وعلق الباحث الإيطالي جوسيبي زوكاي على البحث قائلاً: “إن الأسبرين يعد عقارا رائعا، فجرعة صغيرة منه تقلل من الشعور بالإعياء والموت من أمراض القلب وكذلك جلطات الرئة وسرطان القولون، كما أنه آمن لجميع الأشخاص ما عدا الذين يعانون حساسية من مكوناته أو من مخاطر النزيف، كما أنه رخيص الثمن”.
وأكد زوكاي أيضا أن الأسبرين يساعد كذلك في تقليل الأزمات الناتجة عن مشاكل الشريان التاجي. لهذا فتوقف هؤلاء المرضى عن تناول جرعة الأسبرين يكون ضاراً جداً حتى لو حدث ذلك لفترة وجيزة وبعد مرور سنوات على تناول هذه الجرعة اليومية.
واتفق أستاذ أمراض القلب بجامعة كاليفورنيا الدكتور جريج فونارو مع هذا الرأى قائلاً: “بالرغم من أن الأسبرين قد يزيد من مخاطر النزيف إلا أنه بالنسبة لمعظم مرضى الأوعية الدموية بالقلب نجد أن فوائد الأسبرين تفوق مخاطره، وهذا ما يجب أن يدركه هؤلاء المرضى لتجنب إيقاف هذه الجرعة الصغيرة من الدواء حتى لا يتعرضوا لمشاكل صحية خطيرة”.