سنفونية على وتر الماء في مقطع الأحجار

منذ عقد من الزمن و يوميات المواطنين في مقطع الأحجار مع العطش و نقص الماء لم تختلف: زيارة قبل طلوع الفجر للحنفيات ، لمدة نصف ساعة لكل يومين، و نسبة تفوق 15 غرام للتر من ملح النيترات و درجة عالية من التلوث، و اضطراب هرموني يطال جل السكان ، و انتشار مذهل لأمراض السرطان و أمراض القلب ، و ارتفاع التكلفة إلى حدود 300 أوقية للمتر المربع ، المعطيات نفسها ، باستثناء قصص جديدة حول السفر الطويل و المتقطع للأنابيب من ألاك و المنذر بالاختفاء في أغلب الأحيان .

عام مضى على مجيء رئيس الفقراء و ربما العطشى أيضا و القصص نفسها تردد على مسامع المواطنين العطشى و الفقراء معا و تأتي سنوات عجاف على قوم ضعاف في صحراء قاحلة يحملقون بأنظارهم في مشروع يخشون أن يترك في منتصف الطريق دون إبداء الأسباب، كما حدث من قبل للكثير من أترابه .

و تأتي أحزب المعارضة بخيلها و رجلها لتزور المدينة و تطلق ندبة تشقّ دروب الصّمت متناغمة مع خلجات كل أبناء المدينة ، إنه الماء و الماء هنا هو الوتر الذي يحرك القلوب ، و يقف المواطن حائرا بين الاندفاع مع السنفونية التي أطربته أو النأي بنفسه حتى لا تكون العقوبة في تأخير قدوم الضيف القادم من بعيد و الذي طال انتظاره .

يومان فقط بعد قدوم المعارضة، و كرد سريع على المهرجان، وتأتي التلفزة الوطنية لتكشف مستورا لم يلاحظه لا ساكنوا المنطقة و لا المسافرون المارون على طريق الأمل، إنها الآليات و الحفارات و اليد العاملة الدؤوبة و السكان المستبشرون بقدوم المشروع و لنستيقظ في الصباح الباكر على الطريق نفسها بجنباتها المقفرة و كأننا كنا في حلم جميل قطعه صوت المؤذن يصدح بالأذان.

سكان المدينة و الذين تعودوا على التأرجح بين الأمل و الإحباط وربما الريبة تجاه الدولة ، يندبون حظهم العاثر مع كل صاحب قرار جديد و إذا كان العطش يسبب الغباء فهل يفهم من ذلك استهداف للمستوى المعرفي للمواطنين في هذه المدينة أم أنه الإمعان في سياسة عدم المبالاة و الإنكباب على التنظير الجاف، المقطوع من الواقع.

كل ذلك وغيره و المواطن في مقطع الأحجار يعيش يومه مشتتا بين هموم حياة ضاغطة لاهثة مجندا كل طاقاته لمواجهة مخاطر حقيقية ، محافظا على رباطة جأشه و طلاقة وجهه متمثلا قول الشاعر :

إن الكريم ليخفي عنك حاجته === حتى تراه غنيا و هو مجهود

1-17.jpg


بقلم : إسلمو ولد أحمد سالم

كاتب صحفي


قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى