دعوا الرجل يبني لكم الحلة.

يقول المثل الشعبي “الحلة ما تبني راجل، ولكن الراجل يبني حلة ”

إن عملية التحول والمخاض التي تشهدها موريتانيا منذ أواخر العقد الماضي بدأت تفرز ملامح الدولة التي انتظرتها البلاد منذ سقوط الدولة المرابطية قبل عدة قرون فيبدوا أن الإدارة الجديدة بدأت تضع اليد على الجرح النازف منذ الاستقلال إن لم نقل الجراح النازفة التي أزهقت روح الدولة و قزمت مفهومها لدى المواطن نفسه على مدى عقود طويلة.

إن الملاحظ العادي والدارس المحايد لن يجد كبير مشقة في لمس الفروق بين السنوات الماضية والحالة الراهنة فالتطور المتسارع في كافة المجالات خصوصا على مستوى بناء مؤسسات الدولة الذي يعزز من احترامها لدى المواطن الذي بدء يلمس روح التغير في الإدارة رغم مقاومة لوبيات الفساد المعارضة لكل تطور منشود.

فعلى المستوى الاقتصادي فإن التحولات كانت كبيرة ومؤثرة سوءا من خلال تطوير مصادر دخل البلاد وتنوعها أو من خلال محاربة اقتصاد الريع .حيث تضاعفت الموجودات لدى البنك المركزي من العملة الصعبة رغم الظرفية الدولية الراهنة التي تميزت بالأزمات المالية المتتالية، ورغم ذلك تحتوي الخزينة العامة لموريتانيا علي ما يحمي موريتانيا لعدة سنوات من الأزمات التي تصيب العالم، في وقت لا توجد فيه ديون تذكر على موريتانيا وهذا بحد ذاته غير مسبوق في تاريخ موريتانيا ، إضافة لحماية سواحل موريتانيا واتفاقيات جديدة في الصيد البحري والمعادن وشركة الذهب التي ساهمت تقليص البطالة واستفادة موريتانيا من هذه الاتفاقيات بما يعود بالنفع على موريتانيا دولة وشعبا .
في المجال السياسي : موريتانيا مع أخواتها اليوم تدافع عن القضايا العربية تساهم في تقويم اعوجاج المشروع العربي ، وعلي المستوي الدولي موريتانيا تتقدم بخطوات ثابتة و متسارعة نحو لعب دورها الإقليمي والدولي.

على المستوي العسكري والأمني : موريتانيا دولة تتجه نحو تصحيح كل المخلفات التي تركتها الأنظمة السابقة من خلال بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أساس أن الدولة لا يمكن أن تتقدم مادام هناك مشاكل أمنية أو لا تملك القوة في الدفاع عن أراضيها، والقادم لموريتانيا من كل الاتجاهات بحريا وبريا وجويا يكتشف الفرق .

أما في المجال الاجتماعي فكانت عملية تسوية قضية الإرث الإنساني والقضاء على ظاهرة “الكزرة” وتشكيل وكالة لمحاربة مخلفات الرق من الأمور المهمة في التوجه نحو كسر كل تلك المخلفات الثقيلة التي كانت تضجع كاهل الدولة .

الحقيقة لله وحده لا شريك له أن ولد عبد العزيز يعود له الفضل بعد الله ويسجل له التاريخ هذا التغيير القادم والهائل في موريتانيا المعاصرة ، إن أربعين سنة من الفساد لا يداويها إلا ثمانين سنة من الإصلاح والعمل الجاد ،والفرق بين الهدم والبناء كبير جدا وأستحضر معكم نكتة ظريفة سمعتها منذ أيام أثناء نقاش دائر بين شاب وسائق تاكسي “حيث رد صاحب التاكسي على السائق أنهم كشريحة يعانون من منافسة سائقي الوزراء الذي أصبحوا يمارسون مهنتهم، ورد قائلا الوزير يقول لسائقه الخاص ” حكلاتك أمشي تكسي لي سيارة الوزارة ، في سخرية من أن الوزراء لم يعودوا قادرين على سرقة المال العام.

هل يذكر الموريتانيين حالة المؤسسات العامة قبل ولد عبد العزيز واليوم حينما تزور المؤسسات العامة تلاحظ الفرق أن موريتانيا لم تعد كما كانت لأن الجميع تحت سلطة القانون .

إنني أدعو كل الموريتانيين إلي التوقف لحظة تأمل ووضع مقارنة هادئة خالية من الخلفيات والتصورات المسبقة والدعايات من أجل قراءة الواقع من حولهم و طرح السؤال هل هناك فرق بين موريتانيا سابقا وموريتانيا اليوم ؟

إن مسيرة البناء التي وجب علينا الانخراط فيها كمواطنين موريتانيين في كل الجهات، تقتضي من الدولة الوقوف على مسافة واحدة من كل المكونات والجهات التي تشكل خارطتنا الاجتماعية.

و في الختام أدعو الموريتانيين والدولة الموريتانية و بوصفي احد أبناء المناطق الشمالية من هذا الوطن العزيز و التي كانت القلعة التي انطلقت منها المقاومة الشرسة ضد الاستعمار ونالت ما نالته من التهميش والإقصاء طيلة عقود ما بعد الاستقلال رغم أنها كانت البقرة الحلوب لكل لأنظمة المتعاقبة فتعاملوا معها بعقلية كل خيرها ولا تجعلها وطنا. ولأنه من الضروري بل من الملح مطالبة الدولة بإعادة الاعتبار لنا كجهة في الشمال ساهمت في طرد الاستعمار الفرنسي أدعوكم سيدي الرئيس ومعك كل الموريتانيين إلي الاعتراف بتضحيات أبائنا الذين استشهدوا في معارك خالدة وتاريخية “ينكرها التاريخ الوطني للأسف” دفاعا عن هذا الوطن يستحقون على الأقل التقدير الرمزي و تنوير كل الموريتانيين بتلك المعركة البطولية التي خاضوها ضد الاستعمار الفرنسي والترحم على أولئك الشهداء وإن كانت المواطنة منحة التاريخ والجغرافيا فإن المواطنة المستحقة هي المخضبة بالعرق والدماء.

وأخيرا وليس آخر ، أدعو الرئيس محمد عبد العزيز إلي بناء نخبة جديدة من أبناء هذا الوطن ليكملوا مشروع التنمية والنهضة في موريتانيا ويورثوه للأجيال القادمة ، عاشت موريتانيا عاش الشعب الموريتاني، اللهم اجعل هذا البلد أمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين ،اللهم وفق كل الوطنين في هذا البلد لما تحب وترضى،اللهم ابعد عنا المنافقين والأشرار وكل الذين يريدون السوء بهذا الوطن واجعل كيدهم في نحورهم،اللهم اجعل تدبيرهم تدميرهم آمين ..

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى