قراءة في الحكومة الجديدة

كشف مرسوم رئاسي أذيع اليوم الأربعاء عن التشكلة الحكومية الجديدة؛ على نحو فاجأ جميع المراقبين؛ وتأتي الحكومة الجديدة قبيل سباق رئاسي مرتقب؛ وما يقتضيه ذلك من إشراك سياسي أوسع؛ فضلا عن وضع الاعتبارين القبلي و الجهوي في الحسبان.

في اليوم الأول من تكليفه بتشكيل “حكومة ما بعد الانتخابات البرلمانية” صرح الوزير الأول د.ملاي ولد محمد لغظف بـ”تكليفه” بتشكيل حكومة “في أسرع وقت ممكن؛ حكومة عمل وبناء وإصلاح؛ حكومة كفاءات وذات تمثيل واسع”.

وبعد مخاض عسير انتفت معه صفة “السرعة” في تشكيل الحكومة الجديدة؛ ولد “الجمل” عبر عملية قيصرية مضنية؛ ليستهل المولود بأن “لا مجال للبناء والإصلاح؛ ولا للكفاءة؛ ولا حتى للتمثيل الواسع” إذ هي تصريحات لم تزد على أنها اختطفت الأضواء في يوم حدث الاستقالة العرفي المشهود.

في هذا الإطار؛ هذه شبه قراءة في الحكومة الجديدة؛ جمعتها من مصادر مختلفة؛ بعد أن أعملت فيها نظري؛ وأسردها بهذا الشكل تسهيلا للاستفادة منها:

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

• يستشف من احتفاظ جميع وزراء السيادة بمناصبهم؛ وحصر “التغيير” في الوزارات التي يمكن اعتبارها “هامشية” يستشف من ذلك استبعاد معيار “الكفاءة” وما شاكله؛ والإتيان بحكومة “مرقعة” هي فاصل بين انتخابين.

• أيضا لم تكن الحكومة الجديدة “ذات تمثيل واسع” أبدا – كما أريد لها – ذلك أنه أقصي عدد كبير من أهم أحزاب الأغلبية الرئاسية وأكثرها حضورا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة مثل “الحراك الشبابي” و”الوحدة والتنمية” و”الفضيلة” واكتفي باثنين فقط من الأحزاب المنضوية تحت لواء الأغلبية وهما “الكرامة” و”الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقديم”.

• كان هناك حسن ظن زائد؛ توقع معه البعض أن يشمل “التمثيل الواسع” أحزاب المعارضة المشاركة؛ فيتم إشراكها في الحكومة؛ لكن شيئا من ذلك لم يحدث.

• وفي سياق آخر؛ وجد أنه – شكليا – أعلنت التشكلة الحكومية الجديدة عبر التلفزيون الموريتاني الرسمي؛ فيما لم تنشر على موقع الوكالة الرسمية للأنباء إلا بعد ذلك بساعات؛ والأصل (القانوني) أن يحصل العكس.

• هذا التجاوز يطرح استفهاما حول طبيعة علاقة رأس النظام؛ بمديري المؤسستين الإعلاميتين الرسميتين ومستوى غضبه – أو رضاه – عنهما.

• كما يؤكد التجاوز المذكور أن الرئيس ولد عبد العزيز أكثر احتراما لسلطان “القرب الاجتماعي” منه لسلطان “القانون”.

• من جهة أخرى يستبطن تعيين وزيرا للاتصال والعلاقات مع البرلمان؛ ضمان مواجهة ناجعة للتيار الإسلامي؛ خاصة وأن الرجل سبق وأن انتمى للتيار نفسه وبه فقط تستطيع الحكومة مواجهة التيار – إعلاميا على الأقل – بأحد أوجهه السابقين.

• ويدل تبادل الحقائب الوزارية الذي أعاد رئيس منطقة نواذيبو الحرة سابقا إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا إلى الحكومة من جديد؛ على عدم رضا ولد عبد العزيز عن أداء الرجل في مهمته؛ رغم أنه ينظر إليه على أنه مهندس الفكرة في أصلها؛ حتى أنه روج لها حتى استطاع إقناع الرئيس بها.

• بعدُ محاولة الرئيس ولد عبد العزيز امتصاص حراك “لمعلمين” كان حاضرا؛ من خلال تعيين وزيرة من الشريحة نفسها؛ ومن المعروف أن ولد عبد العزيز مهد ذلك بلقاء مع شخصيات في مبادرة محسوبة ضمن الحراك المذكور.

• خروج وزير الاتصال السابق محمد يحي ولد حرمه ووزيرة الوظيفة العمومية بنت فرجس ووزير التعليم العالي إسلكو ولد إزيد بيه لا يزيد على أن يكون تفرغ للحملة الرئاسية المقبلة؛ حيث يتوقع أن تسند لهم قيادة طاقمها؛ فالأول نائب رئيس الحزب؛ والثانية تقود اللجنة الوطنية لنسائه؛ والثالث قيادي في الحزب يظن به “خيرا”.

• وهل يكون إخراج بمب ولد درمان وزير التجارة والصناعة سابقا؛ من الحكومة الجديدة جاء عقابا له على أداءه غير المقنع في الانتخابات الأخيرة وفشله في حسم بلدية روصو.

وفي النهاية يمكن أن نصف الحكومة الجديدة بأنها شكلت صدمة حقيقة للجميع؛ بالمقارنة مع ما انصرفت إليه الأذهان مع أول تصريح للمكلف بتشكيل الحكومة الجديدة؛ وهو خارج من القصر الرئاسي.

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى