العلاقات المغاربية وطريقة تناوُلِها في الوسائل الإعلامية

ينبغي للصِّحافة العربية، والمغاربية بصفة خاصة، أن تتجنب الخوض في الأمور التي من شأنها أن تعكِّر صفوَ الأجواء السياسية في بلدان المغرب العربيّ. إنّ الظرف الدقيق الذي تمر به الأقطار العربيّة ، بصفة عامة، والبلدان المغاربية بصفة خاصة، يتطلب من الصحفيّ -الملتزم بقضايا الأمة- أن يتعامل مع الخبر الذي يصدر عنه بمهْنية عالية، وبطريقة متوازنة، واضِعًا نصب عينيه أنّ الإثارة في حد ذاتها ليست الهدفَ الأسمى للمادة الإخبارية، وأنّ غرابة الخبر لاتكون دائما جاذبة، وإن كانت كذلك فقد لاتكون نافعة.

من المقولات التي قد يُساءُ فهمُها أحيانًا، أنّ أول درس يتلقاه الصحفيُّ: إذا كتبتَ أنّ كلبا عَضَّ رَجلا، فهذا أمر عاديّ لا يستحق أن يكون خبرا، بينما لو كتبتَ العكسَ(أي أنّ رجلا عض كلبا)، فقد أتيتَ بخبر مثير ولافت للنظر. أعتقد أنّ القصد من هذه المقولة- في جانب من مدلولاتها على الأقل-هو أن يكون عنوان الخبر يحمل شحنة / أو دلالة تغري بقراءة التفاصيل، وليس المقصود التركيز على الإثارة من خلال البحث والتنقيب عن الحالات الشاذة، المستقبحة أخلاقيا، والمستكرهة اجتماعيا .

لقد اطلعتُ، في الآونة الأخيرة، على وسائل إعلام مغاربية مكتوبة(إلكترونية بصفة خاصة)، لا أريد ذكرها بالاسم، تحاول اجتذاب القراء من خلال عناوين من نوع: الرئيس الفلانيّ من أمره كذا وكذا(أوصاف قدحية)… والعلاقات بين البلد المغاربيّ الفلانيّ والبلد المغاربيّ العلّانيّ، ليست على ما يرام، إلخ. دون الاستناد إلى أدلة مقنعة. وأنبه في هذا المجال على أنّنا جميعًا نأمل، بل نطالب بأن يكون الرئيس(أيّ رئيس) قدوة حسنة لمرؤوسيه، لكننا مُطالَبون في الوقت نفسه بالكف عن “الصيد في المياه العكرة”، وعن النيل من أعراض الناس واتهامهم بدون أدلة قاطعة، وبطريقة لا تخدم المصلحة العامة. يستوي في ذلك مَن هم في قمة هرم السلطة ومَن هم في سفح الهرم أو في أسفله. على أساس أنّ أعراض الناس مصُونة، بصرف النظرعن وضعهم في المجتمع. ومِن جهة أخرى، فإننا ننادي دائما وأبدا بضرورة الحرص على حدّ مقبول من العلاقات الطيبة التي تربط بين بلداننا، والسعي المستمر من أجل تحسين هذه العلاقات وتعزيزها يوما بعد يوم، ولو بكيفية تدريجية. مع أنّنا ندرك أنّ هذا العهدَ عهدُ سرعة، و أنّ َمَن لا يتقدم يتأخر. أعتقد أنّ تحقيق هذا الهدف النبيل، لن يتأتى إلّا بالنقد البنّاء، والإرشاد والتوجيه بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، والعمل(كل من موقعه) على كل ما من شأنه أن يوحدنا ويبعدناعمّا يفرقنا. إنّ قوتنا تكمن في وحدتنا، وفرقتنا لا تخدم إلّا أعداءَنا الذين يحاولون-دون كلل أو ملل-أن يطبقوا فينا سياسة “فرِّقْ تسُدْ”. يجب أن نركز جهودنا على فتح الحدود، وربط بلداننا بطريق سريع(طريق سَيّار)، وتفعيل مشروع القطار المغاربيّ(من ليبيا إلى موريتانيا)، بدءًا بتشغيل القطار المتوقف بين البلدين الشقيقين(المغرب والجزائر)، وتسهيل حركة الأفراد والبضائع بين الأقطار الخمسة، وتيسير الإقامة والعمل والتملّك لمواطني اتحاد المغرب العربيّ. وتمهيدًا لتحقيق هذا الحلم المغاربيّ المشروع، يجب علينا جميعا أن نبتعد عن” صب الزيت على النار”، وعن كل وسائل التصعيد المتجسدة في نشر الشائعات وتناول الموضوعات الهامشية التي لا تقدّم ولا تؤخّر، ولنسخر أقلامَنا لما فيه الخير لهذه الشعوب الطيبة المسالمة التي تصبو إلى حياة كريمة، في جو من الأمن والأمان، والتراحم والتكافل، والتعاون الأخويّ المثمر. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى