أموات يمشون على الأرض (5)

أم هي السادية أكسبكم إياها الجلادون فأفقدتكم الإحساس بالألم ليحتضن بعضكم بعضا وأنتم تبتسمون أمام آلة التصوير لخداعها بأنه لم يمر عليكم في معتقل ” الرشيد ” ما تشهد عليه أنفسكم و جلودكم ؟.

عجبا لكم من بقايا رجال، كم انتم محيرون ! . أهي السذاجة أو البراءة ؟ .

لقد خانتكم أيادي بعضكم وهي تظهر آثار عبث الجلادين ، وخانتكم ابتساماتكم التي كان بعضها يخفي آثار المعاول والمطارق وهي تهوي على أسنانكم ، بينما كشف البعض الآخر عن عمليات ترقيع ما أبقته تلك المعاول والمطارق .

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

هكذا كنت أحدث في صمت ستة رجال أو بقايا رجال شاءت الأقدار أن تجمع بينهم رحلة العذاب التي قادتنا جميعا إلى معتقلات البوليساريو ، وكنت خلال حديثي الصامت أتهيئ لالتقط لهم صورة تذكارية في مقر ” جمعية ذاكرو عدالة ” ، وقد أحسست بما يشبه الغيظ من ابتساماتهم ، لأني كنت أراها تزييفا للواقع الذي يعيشه كل واحد منهم في نفسه جراء ما تعرض له من ظلم وقهر، فخطر ببالي أن أذكرهم إن سمعوها لا شك ستعيدهم إلى الماضي ويرجعون إلى رشدهم كي يبتعدوا عن تزييف المشاعر وخداع النفس ، فهؤلاء ليس فيهم من سمي مادام جلادوهم ينامون في أي بقعة من العالم مطمئنين ، وسيظلون مجرد أموات يمشون على الأرض ، أو مجرد أرقام بعضها يدعو للتشاؤم ( 1،9،14،13،29،89 ).

إنها الأرقام التي ارتأى الجلادون أنها أفضل من أسماء مثل ( سيد أحمد ، محمد سالم ، محمد مختار ، سيد المختار ، محمد ، و أحمد ) ، ولكثرة ما أوغل المجرمون في إذلال الضحايا صار يكفي اختزال الرقم كي يرد الضحية المسكين على النداء ، فعلى سبيل المثال تكفي عبارة ( أربط ) بدل أربعة عشر .

بعد أن التقطت الصورة رأيت من خلالها مجسما صغيرا لمعتقل الرشيد الرهيب وتذكرت من ماتوا تحت سياط الجلادين في ذلك المعتقل ، ورحت أقارن بين هؤلاء وألئك ، ثم تذكرت الجلادين وتساءلت إن كانوا يعتقدون بأننا سننسى ؟ أم أنهم يعضون كل يوم أصابعهم ويلومون أنفسهم لما لم يقتلوا الجميع ويستريحوا ! .

محمد فال ولد القاضي

memoireetjustice@yahoo.fr

Tel 22 21 37 76

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى