لكي ينجح ” لقاء الشعب “…!!

لابد أن تنجح النسخة الجديدة من برنامج “لقاء الشعب”، الذي يطل فيه فخامة الرئيس سنويا – وكالعادة- (بطلعته البهية) على المواطنين من خلال “التلفزة الوطنية”، للحديث معهم حول ما يفترض أنها همومهم ومشاكلهم، وأهم التحديات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والأمنية، التي تواجه بلادهم التي تعيش أوضاعا بالغة الصعوبة محليا وإقليميا.

ومن الأكيد أن الدولة كلها – من وزيرها الأول وحتى أقل عمال تلفزتها “الوطنية” شأنا – مستنفرة هذه الأيام (رغم تصفيد الشياطين) مع الأغلبية و أذرعتها الإعلامية و”الإعلانية” من أجل إعطاء لقاء الرئيس بالشعب، ما يستحقه من زخم ونجاح وضجيج..

ولأن المسؤولية المحورية عن إنجاح البرنامج ستكون ملقاة على عاتق (صديقنا) مدير “التلفزة الوطنية”، فقد رأيت أنه من واجبي – ونحن على بعد 10أيام تقريبا من اللقاء المثير- أن أساهم باقتراح متواضع في “إنجاح” الحلقة القادمة ولو بنسبة 120بالمائة، بعد نجاح النسخ الماضية بأكثر من 150بالمائة، حسب بعض مراكز”الرصد”و”الاستطلاع” و”الاستنجاح” و”الإستنساخ” المحلية..!!

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

أود تذكير مدير “التلفزة” – بداية- بأن نجاح لقاء الشعب – رغم أنه مضمون بمجرد ظهور الرئيس على الشاشة واثقا من نفسه يفرك أصابعه أو عينيه أو يتصنع فتح زر في بذلته الرسمية أو إغلاق آخر يحاول”الاستبسام”يقرا ورقة هنا أو يعطى رقما هناك يزيح نظاراته ثم يعيدها سيرتها الأولى يبادل قلما بين يديه ولو بطريقة مقلوبة أحيانا(في بلد يجرم الانقلابات المرتقبة)

– إلا أنه من المهم أخذ الاحتياطات التالية والضرورية إمعانا في “تنجيح” البرنامج:

– لابد من اختيار صحفي رسمي قديم ومحاور معروف مثل “العميد”(الرتبة هنا ليست عسكرية ولا أمنية ولذلك لا يمكن قطعيا إبدال يائها ألفا ولا دالها لاما) تقي الله، فإن لم ف”العميد” مختار عبد الله، فإن لم ف”العميد” سيدي ولد النمين، فبدون ظهور واحد من هؤلاء “العمداء” يفقد البرنامج مصداقيته، فإذا لم يكن أحد هؤلاء مديرا للحوار فسينصرف عامة الناس عن متابعة الحلقة، لأن الرئيس بدون هؤلاء لا يمكن أن يلتقي بالشعب، ولأن هؤلاء بدون الرئيس لا يمكن أن يحاوروا الرئيس (لابد أن يأخذ”المايكروفون” سيف من سيوف الله)..!!

وسيكون إعطاء إدارة الحوار لوجه صحفي أخر (من خارج هذا المثلث) كارثة حقيقية، فسيتصور المشاهدون أن الحلقة هي عن “الأدب العباسي” أو “طريقة حياة الدببة القطبية” أو”فقه المرحلة” أو أن الرئيس فضل تسجيل حلقة خاصة حول “آرائه الفقهية والفلسفية”…ومن البديهي أن بعض الوجوه الصحفية هي مثل شعار “التلفزة”، بدون وجودها سيعتقد البعض أنهم يتابعون قناة أخرى ليست “التلفزة الوطنية”(هذا أمر طبيعي فالأحزاب السياسية الوطنية رؤساؤها يشبهون تماما(شعار التلفزة)…فلا “تكتل” بدون أحمد ولا “تحالف” بدون مسعود ولا “تواصل” بدون جميل ولا تقدم” بدون بدر الدين ولا “وئام” بدون بيجل ولا “اتحاد” بدون عزيز وهكذا..)

إن هذه الأسماء اللامعة لديها تجارب في الحوارات السياسية (ذات الاتجاه الواحد)…يعرفون مسالكها ومساربها، وطريقة التحكم فيها، وطبيعة الأسئلة التي تجب برمجتها، وتلك التي تجب “فرملتها”…ويدركون – بالحدس وعبر استقراء وجوه المتدخلين- طبيعة المداخلة المناسبة،

ومن هو صاحبها، وموضوعها، ولديهم قدرة فائقة على إبقاء الحوار داخل السياق والنص،
والتحرك- بسرعة- لمنع أية محاولة لإزعاج الرئيس والحكومة والأغلبية و”المدير”، كالتعذر بعطب فني أو قطع المداخلة مع الإشارة إلى أنها انقطعت من المصدر (مع الأسف) وهكذا…علينا أيضا أن نتذكر أن لدى هؤلاء خبرة متراكمة في محاورة كل “ماركات” الرؤساء (المسجلة وغير المسجلة) فهم يعرفون كل الرؤساء من ولد الطايع وحتى اليوم (ولا يفرقون بين أحد منهم وهم لهم محاورون)..

من أيام ولد الطايع لم يتغير – مع القناعات- سوى شيء قليل من بصمات الليالي على الملامح، أو خطوط وألوان على جدران “الاستديوهات”، أما الحوارات(مع القادة) فهي نفسها، وبنفس الطريقة الدعائية الانتخابية…

– لابد كذلك من إعداد لائحة متكاملة بالمتدخلين ومداخلاتهم قبل الحلقة بعدة أيام، وإخضاع كل ذلك ل”غربلة” دقيقة تمنع تسرب “شوائب” التشنج والاحتقان والتذمر، و”ذرات” المعارضة والصوت النشاز..!!

– ويستحسن إغراق القاعة ب”المؤلفة قلوبهم” من “الاتحاديين” و”الحراكيين” و”المبادرين”، مع استدعاء رجل أو امرأة (أو ما بينهما) شريطة أن يكون جهوري الصوت،تلصق به “لاقطة صوت” صغيرة (ولومع الملابس الداخلية) وتسند إليه مهمة ترديد عبارات الثناء على الرئيس، والدعاء له وعلى “حساده”..!!

– يجب تحاشى الأخطاء الإملائية واستبعاد الصحفيين المعروفين بالوقوع فيها والذين يستعان بهم لنقل “آراء” المواطنين و”أسئلتهم” من الداخل أو العاصمة”، لا نريد سماع أخطاء من قبيل (لقاء الشغب)، و(الغثاء المباشر)،و(سعال المشاهد)، و(المواطنون يحملون آفات تسمن الانجازات)..!!

– ليس من المستحب استدعاء الصحافة المستقلة، لأن من بينها المعتوه والمجنون، والخارج عن السياق، والمتربص الدوائر بالرئيس وانجازاته، وصاحب الولاء المطلق لهذا الحزب أو التيار المعارض أو ذاك، وإن كان ولابد فلدى مدير “التلفزة”- والحمد لله- لائحة من 12صحفيا مستقلا معظمهم من الصفوة(الناشرون و”الناشزون”) اعتاد – منذ تعيينه- استدعاءهم وتوزيعهم بعدالة(أو بغيرها) على برامجه الحوارية ك”ميزان الحكومة”، و”نادي الصحافة”، و”ملفات”،

وغيرها من البرامج”الحوارية”…وبعضهم مهذبون طيبون، يجلسون بهدوء في ضيافة “المدير” قبل وأثناء وبعد أية حلقة “حوارية”، ولربما طلب منه “بعضهم” أن يقترح عليه سؤالا يطرحه على الضيوف، بحجة عدم التحضير، أو إمعانا في إظهار حجم الصداقة و”الطمأنة”، ولأن “المدير” خلوق بطبيعته، فلربما نصح “صديقه” بحذف سؤال هنا، وإضافة آخر هناك وهكذا…وبعد انتهاء الحوار(يسير المتحاورون عادة في طريق ضيق متعرج بين “العصا و”الجزرة”) يغيب الأصدقاء”الصحفيون” مع “المدير” في جو حميمي “مكتبي” من النكات والحكايات الشخصية..

وتماما مثل “ثلاثية التلفزة” فأصدقاء المدير من الصحفيين”المستقلين” (أو بالغين المفتوحة أو المكسورة حسب الأذواق) لديهم تجارب “ميدانية” في الحوارات المباشرة، والمسجلة و(غير المصنفة) وهم أهل ثقة ومشورة ورأي (ليس معه رأي آخر) ويمكن الاعتماد عليهم بطمأنينة تامة لإنجاح “اللقاء” التاريخي مع الرئيس، وكزملائهم من “التلفزة” فإن ظهور وجه جديد معهم سيشكل حماقة كبيرة، لأن الناس لن تثق في حوار مع الرئيس ليست فيه نفس الوجوه، والأصوات الرسمية و”المستقلة”، حتى لو ساورهم الشك بأن الحوار معاد، مادام بنفس الوجوه والديكور، والشكل والمضمون..!!

– من المهم فعلا أن يبث البرنامج من “أطار” عاصمة ولاية “آدرار”، فجوها “معتدل” وأهلها حذرون جدا، ويعرفون قيمة “الضيف” وحجمه وإكرامه، وأهمية التلطف به فهو صاحب “نسب” فيهم، ويعرفون أن استضافتهم له هي “تشريف” لا “تكليف”، ومن المحتمل أن يكونوا ميالين لعدم إزعاجه في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ ولايتهم، التي لو دامت لها الرئاسة لما وصلت إلى “الضيف” الكريم، وسيكون لانتقاء لائحة المتدخلين الدور الأبرز في سير الأمور بشكل طبيعي طيلة البرنامج.

– ومن المناسب إحضار شخص لديه طلب بسيط في الحدود “الضيقة” التي يمكن للرئيس تلبيتها، ولا بأس أن يكون من ذوى الاحتياجات الخاصة أو “العامة” فلذلك النوع قيمة دعائية قوية كما رأينا في حلقة سابقة من “اللقاء”..!!

– من المهم أن تكون هناك”مغيبات( من المسكوت عنه ولا علاقة لها بعلم الغيب) عن الحوار، فلا تنبغي إثارة مواضيع من قبيل مقتل ولد المشظوفى، وتحطم الطائرة العسكرية، والإفراج عن بعض الإرهابيين من السجون الموريتانية إرضاء للنصارى(أوبحثا عن عمولات من “الفديات” و”الديات”)، وسيطرة الشركات الأجنبية على الاقتصاد الوطني لدرجة أنها أصبحت دولة داخل الدولة، وقضية بيرام، والإحصاء، والانتخابات، ومصير التمويلات والهبات وعائدات المناجم، وفساد قطاعات الدولة خاصة الصحة والتعليم(لا يمكن الحديث عن أزمة المعهد والجامعة وطرد طلاب كلية الطب ومجهرية نسبة النجاح في المسابقات والامتحانات الوطنية ومعاقبة الأساتذة المضربين ونحو ذلك) والنقل والسكن والمعادن، وارتباك السياسة الخارجية، والارتفاع المذهل للأسعار خاصة أسعار المواد الأساسية(الحديث عن فضائح برنامج “أمل” الذي تم نهبه في الداخل مكروه قد يصل حد الحرمة) والمحروقات(تتم زيادة سعرها بشكل يومي) ومواد البناء، وغيرها من المواضيع المزعجة، إلا أن يطلب الرئيس إدراج بعض تلك المواضيع بصيغة يمكن البحث لها عن أجوبة أو التهرب منها بطريقة دبلوماسية..!!

سيكون الرئيس سعيدا بطبيعة الحال بالحديث عن المعارضة العاجزة، وفشلها وبكائها على امتيازات فقدتها، ومن المهم إعطاؤه وقتا للحديث عن الفقراء، ونتائج الحوار، والترحيل، والمطارالجديد، والجامعة الجديدة، والمدارس الصحية الجديدة ،والمصحف، وإذاعة القرءان، والمسجد الجامع، وشبكة الطرق، وبرنامج “أمل”، وإفطار الصائم، وهطول كميات معتبرة من الأمطار على طول البلاد وعرضها، وإقامة علاقات دبلوماسية مع دولة “توفالو” الصديقة والشقيقة، ويستحسن أن يكون ذلك الوقت على حساب الحديث عن التحديات الحقيقية التي تواجه البلاد في ظل احتقان داخلي، وتأزم على الحدود الشرقية، وانسداد للأفق السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

الحمد لله البرنامج سيقدم كاملا برعاية الاتحاد من أجل الجمهورية(نحن بعون الله نمول لقاء الشعب ترغيبا وترهيبا وابتزازا) وخزينة الدولة (أموالكم ليست في أيد أمينة)..!!يعنى هذا أن “التلفزة” لن تصرف إلا ما اعتادت صرفه (عن ظاهره) تحسبا لما قد تحمله (صروف الليالي)..!!

أعرف أن “المدير” ليس بحاجة لهذا الاقتراح، لكنني لا أريد أن تشهد فترته الميمونة على رأس “التلفزة” إخفاقا في مناسبة بهذا الحجم طالما أطار فشلها رؤوسا، وأنبت نجاحها أجنحة(النجاح والفشل هنا هما فقط من منظور الرئيس والمقربين منه) ويهمنى أن ينجح اللقاء حقيقة لا مجازا، وعلى الأرض لا في عقول وأدمغة وألسنة وصفحات ثلاثة صحفيين رسميين واثنى عشر(نقيبا) صحفيا “مستقلا”، هم كل الطاقم الإعلامي الذي تعتمد عليه “التلفزة” الموريتانية في إنجاح برامجها”الحوارية” المختلفة..!!

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى